لا يوفر النائب غسان سكاف وسيلة من أجل الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية, تطوي صفحة الشغور الذي قارب السنة ونصف السنة, انطلاقاً من تداعياته البالغة السلبية على لبنان ومؤسساته. وبعد مبادرتين سابقتين في الملف الرئاسي, لاستعجال انتخاب الرئيس العتيد, وضع النائب سكاف بين يدي البطريرك بشارة الراعي في لقائهما الأخير مبادرة ثالثة عنوانها "الخيار الثالث", سعياً لتوافق نيابي يعجل في انتخاب رئيس للجمهورية, ويخرج البلد من هذا الواقع المزري الذي يكاد يقضي على كل شيء.
ويحدو جراح الدماغ والطبيب البارع في اختصاصه بشهادة الجميع, الأمل في أن ينجح في إقناع زملائه النواب, والمكونات السياسية في مبادرته الأخيرة, ما يؤشر إلى اقتراب ساعة الحسم, من أجل التئام المجلس النيابي وانتخاب رئيس للبنان, بأكبر قدر من التأييد الداخلي والخارجي, وقادر على إعادة توحيد البلد والمؤسسات, تحت مظلة دعم عربية ودولية لا بد منها, ليستعيد لبنان عافيته واستقراره.
في حديثه لـ"السياسة", كان النائب سكاف, حازماً في أن انتخاب رئيس للجمهورية, يجب أن يشكل أولوية تتقدم على ما عداها, لأنه لا يجوز بقاء لبنان دون رأس, في ظل الاستحقاقات الداهمة التي تنتظره, والتي تفرض على جميع الأطراف وضع مصلحة البلد أولوية على ما عداها. فاللبنانيون ما عادوا قادرين على تحمل الشغور الرئاسي القاتل الذي دمر المؤسسات, وخلق أجواء الفوضى والتسيب, ما زاد من معاناة الناس, وفاقم من مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية, مقدراً الجهود العربية والدولية الرامية إلى مساعدة اللبنانيين للخروج من النفق. باعتبار أن لبنان لا يمكنه الوقوف على قدميه, دون دعم الأشقاء والأصدقاء.
وأكد أن "لتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية المسيحي اليوم, سببين, الأول, الوحدة الشيعية, في مقابل الانقسام المسيحي. لأنه لا يمكن انتخاب رئيس للجمهورية دون الطائفة الشيعية الكريمة". وقال "إننا نعمل بجهد كبير من أجل إحداث خرق في الملف الرئاسي. وقد سبق لي وأن قمت بمبادرتين من أجل انتخاب رئيس. وقد سلمت غبطة البطريرك بشارة الراعي مبادرة ثالثة في هذا الخصوص. واستطيع القول أننا لن نكل أو نمل قبل الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية".
وأشار النائب سكاف إلى أنه منذ الاستقلال, كان لرئاسة الجمهورية في لبنان مفتاحان, داخلي وخارجي. وتاريخياً, كان المفتاح الخارجي يكبر ويصغر, ارتباطاً بمدى قوة التماسك الداخلي اللبناني. في حين أن مواصفات المرحلة هي التي كانت تضع مواصفات الرئيس, على أن يتولى المجلس النيابي مهمة انتخاب الرئيس بتوجه الأكثرية النيابية ومدى تأثرها بالظروف السياسية, واليوم فإن الواقع لا يختلف عما كان عليه في الماضي, سوى بوجود توازن سلبي في المجلس النيابي. أي أن لا أكثرية يمكنها حسم اسم الرئيس, وهذا عزز دور المفتاح الخارجي في الانتخابات الرئاسية, وهنا نرى أهمية الدور المتقدم الذي تقوم به اللجنة الخماسية في لبنان", مشدداً على "أننا نريد مساعدة الخارج, ولكن لا نريد أن يفرض الخارج رئيساً على اللبنانيين. وبعد سلسلة المبادرات التي قمت بها في الماضي, تعلمنا من أسباب إخفاقها, فكانت المبادرة الحالية التي بدأنا مناقشتها مع المرجعيات السياسية من خلال مشاورات ثنائية مكوكية, أقوم بها بعيداً من الإعلام".
ولفت النائب سكاف, إلى أن مبادرته الثالثة, هي مبادرة اقتناص فرصة التلاقي والترويج للإيجابية. واستطيع القول, إن أي بداية هدنة أو شبه هدنة في غزة ستؤدي تلقائياً إلى تبريد جبهة الجنوب في لبنان وتسخين الملف الرئاسي, على اعتبار أن تبريد جبهة الجنوب يحتاج إلى تثبيت الحدود البرية وتطبيق القرار 1701. وهذه أمور تحتاج إلى وجود رئيس للجمهورية. وهذا سيدفع الخارج إلى التحرك بقوة أكبر من أجل الدفع لانتخاب رئيس للبنان. أما داخلياً, فقد قمت بمبادرة تخفيض السقوف, والنزول عن شجرة الشروط والشروط المضادة للفرقاء الداخليين. وهي التي ستفتح برأيي نافذة في الملف الرئاسي, من خلال مشاورات ثنائية نقوم بها, مع الكتل النيابية في القريب العاجل, وهذه المشاورات ستؤدي إلى توافق داخلي إلى عدد من المرشحين, أما التنسيق مع اللجنة الخماسية, فسيؤدي إلى تقاطع داخلي خارجي على مرشح أو أكثر, ومن هنا نأتي بالمرشح الثالث, والذي اعتقد أن حراك اللجنة الخماسية يصب في إطار تزخيم مشروع هذا المرشح".
وقال إن "اللجنة الخماسية ستكون الشاهد والضامن المعنوي لجلسات الانتخاب, ونتيجة هذه المشاورات تفضي إلى اسم المرشح الثالث الذي سيدخل السباق الرئاسي مع الأسماء الثابتة الأخرى, ولكن إذا حظي هذا المرشح الثالث بأكثر من 86 صوتاً من المجلس النيابي, نذهب إلى التوافق على اسمه, ولكن إذا حظي بأقل من 86 صوتاً, نذهب إلى الانتخاب في دورات متتالية, حتى انتخاب الرئيس العتيد".
واعتبر النائب سكاف, أن "المشاورات التي نقوم بها, هي كالمشاورات التي نقوم بها في المجلس النيابي, من خلال ما يجري بين الكتل النيابية. وأنا لا أقول بحوار في الملف الرئاسي, بل بتشاور من أجل الوصول إلى سلة من الأسماء, أو إلى مرشح ثالث نصل إليه نتيجة المشاورات. هناك فرقاء يرفضون الجلوس إلى طاولة المشاورات, وهناك فرقاء آخرون لا يريدون البدء بأي انتخاب دون حوار. ولكن ما نطرحه هو حل وسطي بين كل الفرقاء. والمشكلة هي أنه ليس هناك من أكثرية نيابية تستطيع أن تفرض رئيساً للجمهورية. ولا يمكن لأي فريق من الفريقين أن يفرض رئيساً للجمهورية. وقد علمتنا التجارب أن التوافق, إما على رئيس أو على آلية معينة, يمكن أن يفضي إلى رئيس للجمهورية".وقال, "أعتقد أننا تجاوزنا مرشحي المعارضة والموالاة. وفي رأيي أن الجميع ذاهب في هذا الاتجاه, أكان داخلياً أو خارجياً. ونحن نبحث عن آلية من أجل انتاج هذا الخيار الثالث, والذي إذا لاقى تأييداً, فيمكن أن نصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية".
5 قواعد لتسمية المرشح الرئاسي
كشف عضو البرلمان اللبناني عن دائرة البقاع الغربي أنه في طيات مبادرته, ستخضع تسمية المرشحين المؤهلين لخمس قواعد, هي:
أولا: ليس مطلوباً من أي فريق التخلي عن مرشحه.
ثانياً: لا رئيس للأكثرية المسيحية وحدها, ولا رئيس دون الأكثرية المسيحية.
ثالثاً: لا رئيس للثنائي الشيعي وحده, ولا رئيس من دونه.
رابعاً: لا رئيس دون مشاركة سنية ودرزية حقيقية, ولا رئيس دون مشاركة المستقلين.
خامساً: لا رئيس يفرض من اللجنة الخماسية, ولا رئيس دون اللجنة الخماسية".