في هذه السطور شهادة حياة ستترك أثراً كبيراً لدى كلّ مَن يقرأها... ويعتبر.
ولدت في قرية جبليّة. تتألف العائلة من 6 أولاد وبنت. والدي كان رجلاً غير مسؤول, وغير جدّي, وكذلك أمّي, ولم أرَ يوماً في حياتي الحب والتفاهم بينهما إلاّ عن غاية. كان والدي رجلاً ظالماً مع أمي, وكان يضربها وهذا ما كنت أراه وكنت أخاف منه كثيرا حتى عندما يأتي الى البيت وأقول في نفسي ليته لم يأت الى الأبد لأنه انسان مخيف وكنت أشعر بأنه يحب الجميع أكثر مني.
عشت يوميّاً في وسط المشاكل, وكانت شرسة. وعندما بلغتُ الـ8 سنوات, أصبحت أرى صوراً في أمي لم تعجبني مثل التبريج في الفنجان وعدم الجدية مع أي كان, ولم أرَ لا في أهلي ولا في إخوتي مثلاً لي.
عاشوا وكأنهم لم يروا شيئاً. أحسست بأنني أدرك أكثر منهم وأتأثر في كل حدث. في هذه المرحلة, هربت من المنزل الى الأمان ورحت أعمل في محطة محروقات عند رجل طيّب جداً وعاملني وكأنه أبي. صرت أذهب الى المدرسة في الصباح وعند المساء أعود الى المحطة أعمل ثم أدرس وأنام وأصحابي كانوا سائقي التاكسي وبعض أهل السوء, أما أبي وأمي فكانا سعيدين جداً لأنني كنت أعطيهم المال ممّا أجنيه.
وبعد فترة من الزمان, صرت أسرق من خزنة الرجل الطيب في المحطة وعندما علم أبي وأمي أنني احمل مالاً قال لي والدي "اعطيني المال وعندما تكبر أرده لك أو ابني لك منزلا أو اشتري لك سيارة". وكنت أدفع أقساط المدرسة عن اخوتي وكانت أمي تأخذ المال مني أيضاً وتشتري ما تريد. وأجمل ما في الموضوع أنهم لم يسألوني يوماً "من أين لك كل هذا المال؟".
ثمّ تعرفت على صاحب "كاباريه" وعندما رأى المال بحوزتي احترمني وصرت صديقه المفضل وهكذا تعرفت على الجنس الآخر, وبعد فترة من الزمن رحت أعمل في مطعم ليلي وأنام في المطعم ومررت بأحداث غريبة وكان صاحب المطعم رجلاً مخيفاً وعنيداً ويملك حبّ العظمة. وفي عمر الـ14, تركت المدرسة بسبب ممارسة الجنس مع احداهن, ورحت اعمل في محل, وكان صاحبه يستغلني وتعرفت الى عالم غير عالمي, والى سيدة استأجرت لي "شاليه" وكانت تحبّ الكحول والحشيش وأمضيت معها حوالي السنة, وبعدها سافرت.
بعد ذلك, كانت الحرب وكلها مأساة, دخلت في الظلمة والرعب وفي عمر 18 سنة كنت قد تعرفت على كل انواع المخدرات عن طريق معاشرتي الأصحاب. وفي سن الـ24, تركت المخدرات لأعمل في مطعم, وبعد فترة قصيرة اصبحت مدير المحل وعدت ابيع وأتعاطى المخدرات وفعلت أشياء لا توصف, وبعدها تعرفت الى فتاة أصبحت فيما بعد زوجتي. وبعد فترة اندلعت الحرب الأخيرة, وتركت العمل وصرت أتعاطى أكثر مختلف انواع المخدرات كي أنسى الأحداث التي كانت تدور من حولي. تعذبت زوجتي وأولادي كثيراً من جراء ذلك.
كنت أعيش حياةً لا معنى لها, وكان عندي مشاكل كثيرة وأرى عائلتي وكأنهم اعدائي, رافضاً الجميع. عندها صممت أن اخرج من عالم الظلام الى النور وقررت الدخول الى تجمع "أم النور". دخلت مرة في العام 1992 لمدة ثلاثة أشهر, هربت بعدها. وعدت ثانية في 24 ايلول 1998 وكان قرار الخلاص.
دخلت وكنت انساناً عديم الفائدة, ضعيفاً من دون إرادة وفي حالة نفسيّة وجسديّة صعبة, ورحت أتخبط في البرنامج وقد ساعدوني على ذلك وبدأت أتعافى وأتعلم كيف أحبّ الآخرين وأساعدهم وأعمل على الإصغاء والتقبل والنظام من خلالهم, وتمرست أكثر على الجدية والمسؤولية والتخطيط والاستمرارية, وأخيراً عملت على أن أقبل نفسي كما أنا الان وأتقبل الآخرين وخصوصاً اهلي كما هم.
إن التأهيل كان من اصعب الامور بالنسبة إليّ, أما الآن فأحبّ نفسي لأنّني أصبحت إنساناً مؤمناً.