خاص الرأي - كتبت اسيل درويش

في زمنٍ باتت فيه الشهرة سلعةً تُشترى وتُباع على منصّات التواصل, تحوّل كثيرٌ من المؤثّرين والمشاهير إلى رموزٍ للتفاخر والإنغواء. فصور الحقائب الفاخرة من ماركات عالمية كـ"هيرمز" و"أفاغيليّا", ومشاهد السفر والإقامة في أفخم المنتجعات, لم تعد مجرّد توثيق للحياة الشخصية, بل أصبحت أداةً لتغذية نزعة التظاهر في المجتمع, وصناعة وهمٍ جماعيّ بأن الرفاهية المفرطة معيارٌ للنجاح والسعادة.
المفارقة أن هؤلاء المشاهير, اللواتي يملأن الشاشات والمواقع, يقدّمن صورةً مثاليةً مزيّفة عن حياةٍ مليئة بالترف والازدهار, بينما في الواقع يعيش بعضهم تحت وطأة الديون أو الضغوط النفسية للحفاظ على هذا الوهج الزائف. فـ"الخصوصية" التي يُفترض أن تحيط بحياتهم, تحوّلت إلى استعراضٍ دائمٍ أمام الكاميرا, لا يترك مجالًا للواقعية أو البساطة.
ولعلّ الأخطر من ذلك أنّ هذا النمط من الحياة الاستعراضية يخلق دوّامة اجتماعية تُغذّي الحسد والمقارنة والقلق وايضا يعرضون حياتهم للسرقة, خصوصًا لدى الشباب الذين يقيسون قيمتهم بعدد المتابعين أو بثمن الحقيبة التي يحملونها. إنها ثقافة "المظاهر" التي تُشعل سباقًا عبثيًّا بين الناس, وتكرّس الانفصال عن الواقع الحقيقي للمعيشة والجهد والكدّ.
في النهاية, ليست المشكلة في الثراء أو النجاح, بل في تحوّل الواجهة إلى جوهر, والشكل إلى مضمون. فحين يصبح البريق غايةً بحد ذاته, يفقد الإنسان جوهره, وتفقد الشهرة معناها, ويغدو "التظاهر" مرضًا اجتماعيًا يُغذّيه المشاهير أنفسهم باسم التأثير والإلهام.