
تحية طيبة وبعد,
نتوجه إليكم بخالص الشكر والتقدير على جهودكم المتواصلة في حماية البيئة اللبنانية وصون التنوع البيولوجي, وعلى المبادرة الأخيرة التي تهدف إلى الحد من الصيد العشوائي, والتي تنسجم مع القانون رقم ٥٨٠, ومع الاتفاقيات الدولية مثل AEWA وCMS, المعنيتين بالحفاظ على الكائنات الحية المهاجرة والأنظمة البيئية الهشة.
إن لبنان, بحكم موقعه الجغرافي, يُعد نقطة عبور مركزية في مسار هجرة الطيور بين أوروبا وأفريقيا, حيث تعتمد هذه الطيور على مناطق محددة للاستراحة والتغذية, لا سيما في البقاع الشمالي والشرقي. ومن هذا المنطلق, فإن حماية هذه المناطق لا تُعد مسؤولية محلية فحسب, بل واجباً إقليمياً ودولياً.
لكننا, كصيادين ملتزمين بالقوانين والضوابط البيئية, نرى أن قرار المنع وحده لا يحقق الغاية المرجوة, بل يتطلب رؤية شاملة تقوم على التنظيم والمراقبة الفعالة. كما نلفت انتباهكم إلى التجاوزات الخطيرة التي تحدث في بعض الدول العربية المجاورة, والتي تؤثر بشكل مباشر على مسار الهجرة والتوازن البيئي, ومنها:
- استخدام الشباك في الصيد, وهي وسيلة مدمّرة تُستخدم على نطاق واسع في بعض المناطق, وتؤدي إلى إبادة جماعية للطيور, بما فيها الأنواع المحمية والمهددة بالانقراض, دون أي تمييز أو رقابة.
- تجارة العصافير بشكل غير قانوني, حيث يتم جمعها بكميات ضخمة وتهريبها وبيعها في الأسواق, في مشهد أقرب إلى الجريمة المنظمة, يتم فيه استغلال الطيور كسلعة تجارية دون أي اعتبار لقيمتها البيئية أو الأخلاقية.
- انتهاك مواسم الصيد, وعدم الالتزام بالرزنامة البيئية, مما يؤدي إلى صيد الطيور خلال فترات تكاثرها أو هجرتها, وهو ما يهدد استمرارية الأنواع ويخلّ بالتوازن الطبيعي.
وعليه, نرفع إلى معاليكم المطالب التالية:
* وضع إطار تنظيمي شامل للصيد البري في لبنان, يشمل شروط الترخيص, تحديد الأنواع المسموح بصيدها, وضبط المواسم بدقة, كما هو معمول به في الدول المتقدمة, مع السماح بتنظيم رحلات الصيد للهواة ضمن ضوابط صارمة.
* مخاطبة الدول العربية المعنية لتوحيد الجهود في احترام الاتفاقيات الدولية وتنظيم الصيد, والحد من الانتهاكات التي تُرتكب تحت غطاء الصيد التقليدي, والتي تمثل تهديداً مشتركاً للتنوع البيولوجي في المنطقة.
* تحديث رزنامة الصيد في لبنان, بما يتماشى مع التغيرات المناخية والبيئية, وتحديد الضوابط المرتبطة بها لضمان حماية الأنواع المهددة, وتوفير قاعدة بيانات علمية تُعتمد في اتخاذ القرارات.
* تعزيز الرقابة الميدانية والتعاون مع الجمعيات البيئية والمجتمع المدني, لرصد التجاوزات ومحاسبة المخالفين, وتوعية الصيادين بأهمية الصيد المسؤول ودوره في الحفاظ على التوازن البيئي.
وكما قال الفلاسفة: المنع لا يحقق الغاية, بل التنظيم والمراقبة هما السبيل الأمثل.
نأمل أن تلقى هذه الرسالة اهتمامكم, وأن تكون خطوة نحو تحقيق توازن عادل بين حماية الطبيعة وممارسة الصيد كتراث وهواية ضمن إطار قانوني وأخلاقي.
تحياتي,,,
٢١-٩-٢٠٢٥
آرام ت.