خاص الرأي - كتبت أسيل درويش

بينما تتفاعل تطورات أمنية وسياسية في الجنوب, تُرسم على الساحة الداخلية معالم خريطة بلدية جديدة في أكثر من قضاء, وسط رهان على العمل المحلي في ظل تعثر المسارات المركزية.
في الجنوب, نفت مصادر دبلوماسية أممية وغربية ما تردد عن احتمال انسحاب قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل), ووصفت هذه التسريبات بأنها "غير دقيقة" و"مجرد شائعات", فيما شددت الخارجية الأميركية على أن التقارير حول هذا الموضوع "غير صحيحة". جاء ذلك في أعقاب حادث أمني تمثل بتعرض دورية لـ"اليونيفيل" لهجوم بالحجارة من قبل مدنيين في منطقة الحلوسية, ما أدى إلى إصابة أحد الجنود بجروح طفيفة وقد عمد الجيش اللبناني على التدخل لفض الاشكال في ديرقانون - النهر بعد مداهمات قام بها بحثاً عن الشخص الذي صفع احد أفراد الدورية على وجهه وكانت قد استنكرت قوة الأمم المتحدة (اليونيفيل) الحادثة.
سياسيًا, واصل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان لقاءاته في بيروت, حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام, وتم بحث استمرار الاعتداءات الإسرائيلية جنوبًا, وعدم التزام إسرائيل ببنود القرار 1701. وقد أكد بري ضرورة الإسراع في ورشة إعادة الإعمار والتشريعات الإصلاحية, محذرًا من محاولات المسّ بدور "اليونيفيل" جنوبًا, ومشيدًا بالدور الفرنسي في هذا السياق.
بلديًا, شهد قضاء زحلة والبقاع الأوسط انطلاقة جديدة للعمل البلدي على قاعدة التفاهم المرحلي وتوزيع المسؤوليات. ففي سرايا زحلة, انتُخب صلاح طالب رئيسًا لاتحاد بلديات البقاع الأوسط, وإيلي بشعلاني نائبًا له, على أن يتولى رئيس بلدية مجدل عنجر جاد حمزة رئاسة الولاية الثانية, وفق اتفاق داخلي يُراعي التوازن بين البلدات المنضوية.
بدوره, انتُخب ملحم الغصان رئيسًا لاتحاد بلديات قضاء زحلة, وميشال مطران نائبًا له, وسط غياب رئيس بلدية زحلة سليم الغزالة. وقد أكد الغصان رفضه الحديث عن أي إقصاء, بينما شدد مطران على ضرورة تنسيق العمل مع بلدية زحلة باعتبارها ركيزة إنمائية أساسية في المنطقة, مشيرًا إلى اتفاق على توليه رئاسة الاتحاد في النصف الثاني من الولاية.
أمنيًا, أحبطت مديرية الأمن الداخلي في مدينة القصير – ريف حمص محاولة تهريب شحنة أسلحة نوعية إلى لبنان, تضمنت صواريخ موجهة من طراز "كورنيت" وذخائر ثقيلة, كانت مخبأة داخل شاحنة محمّلة بالخضار, في عملية أعادت تسليط الضوء على التحديات القائمة على الحدود الشرقية.
وفي ملف الاتصالات, أعلن وزير الاتصالات شارل الحاج عن خطة متكاملة لمعالجة التوزيع غير الشرعي للإنترنت, مؤكدًا أن الوزارة ماضية في تحسين الخدمة ومنع الاحتكار وزيادة إيرادات الدولة, وسط استعداد لإعادة النظر في المرسوم 9458 الناظم لهذا القطاع.
وبين التعقيدات السياسية وتحديات الأمن والإنماء, يبدو أن التعويل على انتظام العمل المحلي ومبادرات التفاهم في الإدارات والبلديات بات يشكل المسار الوحيد المتاح, ريثما تستقيم الحسابات الكبرى في بلد يترنّح بين الأزمات, ويبحث عن أدوار خارجية لا تكتفي بالمراقبة.