حذر مسؤولون إسرائيليون من أن القاهرة "ربما تتوقف عن ممارستها لدور الوسيط" في المحادثات الرامية إلى التوصل صفقة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة, معتبرين أن العلاقات بين مصر وإسرائيل "وصلت إلى مرحلتها الأسوأ" منذ بدء الحرب.
وأعرب المسؤولون لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية, التي لم تسمهم, عن مخاوفهم من أن الأزمة بين مصر وإسرائيل "قد تتفاقم" في ظل استمرار القتال في غزة, وبالتحديد في مدينة رفح الحدودية أقصى جنوبي القطاع, في وقت قررت فيه القاهرة التوقف عن إدخال المساعدات من خلال معبر رفح بعدما سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني منه.
اعلان
وتتبادل مصر وإسرائيل الاتهامات بخصوص عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع, حيث يعتبر الجانب الإسرائيلي أن مصر أوقفت دخول المساعدات لزيادة الضغط الدولي على إسرائيل, وفق هآرتس. فيما رفضت القاهرة في بيان لوزارة الخارجية, امس الثلاثاء, "سياسة لي الحقائق والتنصل من المسؤولية التي يتبعها الجانب الإسرائيلي".
وحذر المسؤولون في حديثهم لهآرتس, من أن الأوضاع "قد تزداد سوءاً وتنسحب مصر من الوساطة" فيما يتعلق بمحاولات الوصول لوقف إطلاق نار وإطلاق سراح الرهائن, بجانب "احتمالية تأثر التعاون الدفاعي والاستخباراتي بين البلدين بشكل سلبي", حال لم يتم حل الأزمة.
وقال أحد المسؤولين للصحيفة الإسرائيلية: "الوضع مع مصر حاليا هو الأسوأ منذ بدء الحرب".
فيما قال آخر: "أبدى المصريون تفهما لموقفنا في بداية الحرب, وأدركوا أهمية تفكيك قدرات حماس العسكرية, وقدرتها على الحكم (في غزة) بعد 7 تشرين الاول".
وأضاف الأخير, أن موقف مصر "تحوّل" مع بدء الجيش الإسرائيلي عملياته في رفح, موضحا أنهم (المصريون) "يحاولون عرقلتنا وفرض نهاية للحرب. هذا أمر لم يحدث أبدا من قبل, حتى خلال عملياتنا السابقة في غزة".
وأشارت الصحيفة, إلى أن تصوير مشاهد لرفع العلم الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح وانتشارها بشدة, "جعل من الصعب على مصر سياسيا الاستمرار في إدارة المعبر, دون اتهامها بالتعاون مع إسرائيل في عمليتها العسكرية".
وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين: "نتفهم أن ذلك يسبب لهم مشكلة مع الرأي العام. لكن رد فعلهم, تسبب في وقف نقل المساعدات الإنسانية بشكل شبه كامل, وهذا رد فعل مبالغ فيه".
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي, يسرائيل كاتس, قد كتب على منصة "إكس", أن "العالم يحمّل إسرائيل مسؤولية الملف الإنساني, لكن مفتاح منع حدوث أزمة إنسانية في غزة أصبح الآن في أيدي أصدقائنا المصريين".
ولفت إلى أنه تحدث مع وزير الخارجية البريطاني, ديفيد كاميرون, ووزيرة الخارجية الألمانية, أنالينا بيربوك, عن "ضرورة إقناع مصر بإعادة فتح معبر رفح, بما يسمح باستمرار نقل المساعدات الإنسانية الدولية إلى قطاع غزة".
من جانبها, نددت القاهرة بتصريحات كاتس, وأكد بيان للخارجية "رفض مصر القاطع لسياسة لي الحقائق والتنصل من المسؤولية التي يتبعها الجانب الإسرائيلي". وشدد وزير الخارجية المصري سامح شكري "على أن إسرائيل هي المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة حاليا".
واعتبر شكري السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح, والعمليات العسكرية الإسرائيلية في محيط المعبر, "وما تؤدي إليه من تعريض حياة العاملين في مجال الإغاثة وسائقي الشاحنات لمخاطر محدقة, هي السبب الرئيسي في عدم القدرة على إدخال المساعدات من المعبر".
واستنكر شكري بشدة "محاولات الجانب الإسرائيلي اليائسة تحميل مصر المسؤولية عن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يواجهها قطاع غزة, والتي هي نتاج مباشر للاعتداءات الإسرائيلية العشوائية ضد الفلسطينيين لأكثر من سبعة أشهر, وراح ضحيتها أكثر من 35 ألف مواطن, أغلبهم من النساء والأطفال".
والأحد, أعلنت مصر الانضمام إلى جنوب أفريقيا في الدعوى التي رفعتها أمام محكمة العدل الدولية على إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة "إبادة جماعية".
وخلال اتصال هاتفي, الإثنين, مع وزير الخارجي الأميركي, أنتوني بلينكن, حذر شكري من "العواقب الإنسانية الوخيمة التي ستطال أكثر من 1.4 مليون فلسطيني نتيجة إغلاق معبر رفح, واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية واسعة النطاق".
واندلعت الحرب إثر هجوم حركة حماس, غير المسبوق على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من تشرين الاول, والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص, معظمهم مدنيون, وبينهم نساء وأطفال, وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم, تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة", وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 تشرين الاول, أسفرت عن مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني, معظمهم من النساء والأطفال, وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.