لا الحديث عن هدنة رمضان أعطى مفعوله, ولا ممر المساعدات ساهم في الهدنة, ولا حتى قرار مجلس الامن, فكل المعطيات تشير إلى أن نتنياهو ماض في خطته لاجتياح رفح, وقد تكون "حماس" تتعاطى مع هذا المعطى بكثير من الجدية.
وفي السياق اشار خبير في الشؤون الدولية الى إنه بالرغم من حرص كل من ادارة الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس حكومة الاحتلال على عدم إلحاق الأذى بالعلاقة الاستراتيجية بين أميركا والكيان خلال إدارة الخلاف الفعلي او الشكلي بينهما, فإن هذا الحرص لن يفيد طالما أن محرك الخلاف ليس تباعداً فكرياً أو أخلاقياً يمكن التوصل إلى تسويات فيه أو إدارته بعقلانية, بل هو نابع عن خضوع كل من الطرفين لمتطلبات محاكاة جمهور انتخابي في لحظة حرجة يخشى فيها السقوط ولكل من جمهور اليمين الإسرائيلي وجمهور اليسار في الحزب الديمقراطي معايير على درجة من التناقض الجذري ما يجعل الخلاف الذي انطلق يتسع ويتعمّق بسرعة.
وفي الجانب اللبناني, ترفض إسرائيل البحث في ملف مزارع شبعا, فيما لبنان يصر عليها والمحصلة تحذيرات دبلوماسية جادة من إقدام إسرائيل على توسيع الحرب خلال شهر نيسان.
فاسرائيل تصعد ميدانيا وكلاميا, أما المواجهات فمستمرة في الجنوب, فيما شيعت حركة "أمل" عناصرها الثلاثة الذين سقطوا في الغارة على الناقورة لكن المعارك الاعلامية كانت اليوم اقوى من المعارك الحربية, اذ أعلنت هيئة البث الاسرائيلية نقلا عن مسؤول عسكري اسرائيل قوله: الجيش الاسرائيلي سيدخل لبنان بعد الانتهاء من عملية رفح, فيما اعلن قائد المنطقة الشمالية في الجيش ان القوات الاسرائيلية جاهزة للتصرف على الحدود اللبنانية. التهديدات الاسرائيلية رافقتها تحذيرات ديبلوماسية جدية من توسيع اسرائيل الحرب بدءا من منتصف شهر نيسان, اذا لم يتم التوصل الى تنفيذ للقرار 1701.
وهو ما اشار اليه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب اذ اكد ان لبنان سيستمر بالدفع نحو التطبيق الكامل للقرار 1701 كونه السبيل الامثل لتحقيق الاستقرار المنشود.
وفيما طافت الناقورة بشهدائها أمس بمشاركة الشعب والجيش والمقاومة ضمنا ودما, فإن قوات اليونيفل الواقعة على مرمى النيران الاسرائيلية في المنطقة بعثت بقلقها الاممي, وتحدثت في بيان مقتضب عن تصاعد اعمال العنف عند الخط الازرق, حيث يتسبب هذا التصعيد في مقتل عدد كبير من المدنيين وتدمير المنازل وسبل العيش.
وفي سياق مختلف, فان الركود يحيط بالحركة الرئاسية, ولا معطيات على خطوات قد تؤدي إلى نتائج عملية, ورغم ذلك تتّجه الأنظار يوم الإثنين إلى بكركي للتأكد مما إذا كان الحضور الدبلوماسي سيؤشّر إلى أن حراك دولة أوروبية سيوصل إلى نتيجة رئاسية أو أنّه كلاسيكي كما درجت العادة.
فيما سرب نسخة معدلة من وثيقة بكركي والتي تتضمنت "وضع ميثاق شرف يحل أي إشكال داخل البيت الواحد بالحوار وبالحوار وحده, على أن يتوسع ميثاق الشرف ويشمل كل الأفرقاء اللبنانيين", و"العمل معًا على انتخاب رئيس جديد للجمهورية, يطبق الدستور, ويحقق السيادة, ويطلق مسار الإصلاحات, وضرورة النجاح في ذلك دون تأخير إذ لا تستقيم دولة بدون رأس مؤتمن على الشرعية".
وجاء في المعالجات أيضًا "التمسك بالشرعية الوطنية الواردة في الدستور اللبناني كما في ثبات لبنان في هويته, هو العضو المؤسس في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وملتزم قراراتهما, ومواثيقهما, ومعاهداتهما بما يخدم أمنه القومي وأمان شعبه الإنساني, والعمل على عدم الانزلاق إلى خيارات لا تخدم لبنان وشعبه. توفير مقومات الصمود للشعب اللبناني, بما يوقف مسار الاستنزاف الكارثي والهجرة, خصوصا لدى المسيحيين, لكن أيضا لدى شركائهم في المواطنة", و"تقديم خطة تعاف اقتصادية - مالية كاملة ومتكاملة من أجل إعادة إطلاق الدورة الاقتصادية والإنتاج في لبنان, وإعادة الحيوية لقطاعه المصرفي بما يؤمن استرجاع المودعين أموالهم. تحييد لبنان وصولاً إلى حياده الإيجابي ضمن مسار دستوري قانوني واضح المعالم بالاستناد إلى الشراكة الميثاقية بين مكوناته".
وشددت الوثيقة على "وضع السيادة الوطنية في حمى الجيش اللبناني والقوى العسكرية والأمنية الشرعية حصرا, مع تبني استراتيجية دفاعية واضحة تكون الأمرة فيها بحسب الدستور والقوانين المرعية الإجراء", و"فك عزلة لبنان العربية والدولية وعدم تحميله وحده مشكلة الشرق الأوسط برمتها", و"السعى لاستعادة دور لبنان الرائد في العالم العربي في بلورة قيم الحرية والعدالة والجوار".
وبعيداً عن السياسة ورغم الحرب والدمار والشهداء, إلا ان بيروت عصية عن الموت, فهذه المدينة التي لا تنام تصر على الحياة والفرح حيث زار 100 ألف شخص في النصف الاول من شهر رمضان القرية الرمضانيّة في وسط بيروت.
وهذا الرقم الكبير يدل على مدى إصرار هذا الشعب الصامد في الحروب والصابر في الازمات على تخطي كل التحديات بابتسامة وفرحة لا تجدهم لدى أي شعب في العالم.