كتب نقولا ابو فيصل
بين خير يكمن في الشر وشر يكمن في الخير , يقول جبران خليل جبران"الخير في الناس مصنوع إذا جبروا , والشر في الناس لا يفنى وإن قبروا". وموضوع الخير والشر هو محور عقيدة كل الأديان التي دعت إلى الابتعاد عن الاعمال السيئة ووجهت الإنسان نحو الأفعال الخيرة للخلاص .لكن منذ بدء الحضارة والانسان في حيرة وتساؤل: بما أن الرب الاله هو الخير المطلق فلماذا خلق الشر ؟ وفي لبنان اعتدنا أن نقول بعد كل قطوع أمني , مالي او سياسي , لعله خير , وربّ شرٍّ حصل منع عن شعب لبنان شرّاً أكبر , ويمكن ان يكون الرب قد حمى بلادنا من مصائب كبرى , والله هو من يتدبر أمرنا والحياة القائمة على تقوى الله لا يمكن أن تنهار وإن حصل ذلك فهذا الإنهيار هو خير وعساه يخلصنا من الشر ونعيش في سعادة.
وفيما تختلف نظرة حكام العالم الى الدين بين السطحية والتعميم, فالأولى تعتبر الدين خيراً للامم , والثانية تعتبره شراً على الدوام. وفي ضوء الافتراض الأول يميل الناس إلى إعفاء الدين من اللوم على أي شر يحل بهم, مثل الحروب والإرهاب وغيرها. وقد اعتاد اصحاب هذه الفرضية على القول إن كل الأديان هي "أديان سلام" وأن الدين ما هو إلا ضحية استغلال الأشرار, ولذلك تجدهم على الدوام يخبرونك بأن دولة ما لا تمثل الدين , وأن حزباً سياسياً ما لا يشكل حقيقة الدين, ويزعمون دوماً أن الدين قد سُرق من تنظيم متطرف أو تم استغلاله من ذلك السياسي. ويبدو أن التنازع بين الاتجاهين عن فهم الواقع الديني سيبقى لمدة طويلة, فأهل السياسة على اختلافاتهم يخشون الاقتراب من المارد الديني, ويحاولون التحلي بما يمكن وصفه بـ "اللباقة السياسية", ويتفقون إعلامياً على الأقل ,أن الدين هو خير بالضرورة وأنه لا ينبغي أن يُنتقد أو يُواجه في المواقف التي تجمع بينه وبين السياسة.
(من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا أكتب "جزء 6")