بعد صولات وجولات انتهى اضراب القطاع العام ومنذ اليوم تعود الإدارات العامة إلى عملها بشكل طبيعي, فرغم أن الحكومة تتمسّك بالتقشف القاسي الذي يجري التنسيق بشأنه بين السياسات المالية التي تتحكّم بها الحكومة, والسياسات النقدية التي يديرها حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري, إلا أنها زادت الحد الأدنى للأجور في القطاع العام إلى ٤٠٠$, الأمر الذي ساهم في حل أزمة الأجور لدى القطاع العام, ما وضعاً حداً لمعانات شريحة كاملة من المجتمع اللبناني على أمل أن يسحب الأمر لزيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص ما قد يعيد المواطن اللبناني إلى مستوى أدنى من المعيشة.
لكن قرار مجلس الوزراء لم ينصف المتقاعدين العسكريين حيث رفضوا صيغة الحكومة وتوعدوا بالتصعيد, غير أن تجمع موظفي الإدارة العامة اعتبر الزيادة على الرواتب لا تلبي طموحات الموظفين وسيجتمعون اليوم لتحديد الخطوات التالية.

اما في الميدان, قد يكون التصعيد المتواصل هو العاصفة ما قبل الهدنة التي يتم البحث بها في قطر بين إسرائيل وحركة "حماس", والتي من المفترض أن يتم التوصّل إليها قبل شهر رمضان, وقد تنسحب على لبنان كما حصل خلال التجارب السابقة, لكن حتى الساعة لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق, ولم تسلّم "حماس" حتى الساعة قوائم من تُريد الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية, لكن ثمّة تفاؤل حذر بنجاح هذه المفاوضات.
وان نجاح المباحثات والتوصّل إلى الهدنة في غزّة التي يتم الحديث أنها قد تمتد لستة أشهر, قد ينعكس على جبهة الجنوب, حيث يترقب لبنان ما إذا كانت ستنسحب على الجنوب, ومصادر مقرّبة من "حزب الله" قالت إن الحزب سيلتزم بوقف إطلاق النار في حال تم تطبيقه في غزّة, وفي حال لم تقصف إسرائيل في لبنان, وفي حين يُفترض أن تلتزم إسرائيل أيضاً بوقف التصعيد, إلّا أن هذا الأمر غير محسوم في ظل الجنون الإسرائيلي من جهة, والتهديدات التي تصدر عن القيادات الإسرائيلية من جهة ثانية.
وعلى قاعدة فالج لا تعالج, يبدو انّ الاتحاد والبرلمان الأوروبيين ليسا في صدد إجراء أي تعديل جوهري على موقفهما المتعنت والمعارض لعودة النازحين السوريين, الذين يستضيفهم لبنان, الى بلادهم, على الرغم من كل المناشدات اللبنانية بوجوب تغيير المقاربة الاوروبية لهذا الملف.
صحيح انّ المسؤولين في هاتين المؤسستين الاوروبيتين باتوا أكثر تفهماً للواقع اللبناني الصعب وللأعباء التي يرتّبها النزوح على الشعب المرهق والدولة المستنزفة, الا ان هذا التفهم بقي في الإطار النظري ولم يَرق بعد الى مستوى مراجعة السياسات النافرة المعتمدة حيال هذه القضية, على حساب مصالح لبنان ومقومات وجوده.