الرأي:
كتبت سارية الجرّاح
"لم يحن الوقت بعد"..
عبارةٌ قالها قائدُ فيلق القدس في الحرسِ الثوري الايراني إسماعيل قاني والتي أثارت الجدلَ عند الكثير من الناس وخاصة الفلسطينيين الذين يصارعون ذروات عسكرية رمْيها وخيمٌ وهدفها قاسٍ جداً. لم يكتفِ بهذا وحسب بل أضاف تصريحاً جديداً يقول أن "حزب الله سيسدد الضربة الاخيرة لإزالة إسرائيل" السؤال الذي يطرح نفسه هنا..لو كانت إيران قادرة على إزالة اسرائيل من الوجود, لماذا ترمي بسهامِ الحملِ على أكتاف الامين العام! لماذا تعطي شرفَ الإنتصار لحزب الله وهي تمتلك أقوى المعدّات العسكرية وجهوزية الانتقام!! ألا يجدر بها أخذ هذا الوسام شخصيا...
لا عجب في ما قاله "قاني" لأنّه إن لم يكن اليوم هو الوقت المناسب لقبع إسرائيل عن الوجود التي فتكت بالشعب الفلسطيني وحاصرت غزّة وأشعلتها, فهو الوقت حتماً للمجاهدة بالدعاء الى جانب ميليشيا حماس بدليل أن الله كلّفهم..صدقت أيران وأمينها في كلّ مرّة وعدوا بها بتحرير القدس وإزالة اسرائيل عن الوجود في حين أن ما يزول اليوم هي بلاد الشام من العراق حتّى اليمن مرورا ً بسوريا وصولاً الى لبنان.
الحقيقة واضحة بأمّ عينها فإنه لو كان ما قاله القاني وميليشيا الدولة الفارسية صحيح, لما حصروا هذا النصر بيد حزب الله, هذا دليلٌ واضحٌ وقطعي أننا سبيلاً عابراً لتنفيذ أجندات لا تفيد الشأن اللبناني المحلي إلا بالدمار والخراب وتحويله الى ساحة حرب يترأسها ميليشيا برتبة "ماريونيت", الوكيل اليوم يعاود رفع الاصبع ويهدد بقبع اسرائيل جهراً لكن هذه المرّة ليست دفاعاً عن لبنان العظيم كما قالها "جبران تويني" بل "المجد لدولة الفقيه".
مليون لبنانيّ هُجّروا في حرب 2006, الاف المنازل هدّمت, أطفال أبرياء فارقوا الحياة في سبيل هدف وهمي واحد " نريد قبع اسرائيل ", لم يكتف هنا وحسب بل سارع الى الحرب الاهلية التي شارفت علينا في مطلع 2008 بتكليف من الادارة الإلهية, بين السياسة والقانون والدستور والاحكام أمطرت أحكام إلاهية كتلك التي أتته قبل مقتل "قاسم سليماني"وخيّرته.
"حل عنّي..إنت اصلا..إنت إنسان؟!بتقلي مين مكلّفني يعني... انا الله مكلّفني..إنت مين مكلفك؟!" نعت مجددا الامين العام خصومه ب اللاإنسانية وهذا تفسير لامع وبرّاق لعدم كتابة لقمان سليم هذا المقال, وفقدان رفيق الحريري في أوضاع كهذه, وضياع المثل الاعلى "جبران تويني" وغياب "الوسامين" وغيرهم الكثير والكثير الذين رحلوا ضحيّة "اللاإنسانية" دفاعا عن "التكليف الالهي".
يتوجب هنا نقل هذا الصراع الوهمي , الى موقعه الصحيح, وهو بتصويب بوصلة القتال في سبيل الله, إلى المجازفة للتضحية في سبيل الإنسان. فالوحي إنقطع والرسائل الالهية لن تأتي لا بالحمام الزاجل , ولا بالمسيّرات الاستعراضية, ولا حتّى بإصبعٍ فارغ الظلّ..الله هو الامان في فوضى هذه الارض التي كيفما صفعْتَ جوانبها تجد أنّ حزب الله "ميليشيا" تدافع عن ولاية الفقيه وتنسى ولاية الفقير.