يصاب والدك, بنوبة قلبية مفاجئة, تتصل بالصليب الأحمر, تعطي العنوان, وتوصف الحالة وتنتظر سيارة الإسعاف.
تنتظر لعدة دقائق, وبعدها لربع ساعة فنصف ساعة ولم تصل السيارة, تتدهور حالة والدك, يتوقف قلبه عن الخفقان, يفارق الحياة… ولم تصل سيارة الإسعاف بعد.
السيارة عالقة على محطة الوقود, أو ربما تنتظر الصيانة أو التجهز بالمعدات الضرورية, لم تتمكن من الوصول وإتمام مهمتها… تتعدّد الأسباب والنتيجة واحدة: خسرت والدك بفعل أزمات لبنان وإجرام السياسيين.
تخيلوا هذا المشهد يحصل معكم في يوم من أيام لبنان الظلماء التي نعيشها. الأزمات المتتالية كالسرطان تنقض على قطاع تلو الآخر تلتهم مقومات بقاءه وتقضي كلياً عليه. فبعد الصيدليات, السوبرماركت, المحطات, هل يصل الدور إلى الإغاثة وسيارات الإسعاف؟
"نحن في لبنان اعتدنا على الأزمات الكبيرة, والمصائب" يروي الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني, جورج كتانة. ويؤكد, في حديث لموقع "القوات اللبنانية" الالكتروني على أن "الصليب الأحمر اللبناني مجهّز وحاضر دائماً لأي حدث طارئ أو أزمة جديدة".
وعن كيفية تزويد الآليات وسيارات الإسعاف بالوقود, يوضح كتانة, "نتعامل مباشرة مع شركة بعقد خاص لتزويد سياراتنا بالوقود لنتمكن من مواصلة العمل والخدمة على كافة الأراضي اللبنانية".
ويضيف, "من المؤكد أن الأزمات المتتالية ألقت ثقلها علينا لكننا بحكم معرفتنا العميقة بالوضع في لبنان نضع خططاً استباقية لأي طارئ يحدث, وفي الكثير من الأحيان نضع 3 خططاً استباقية وربما أكثر فنحن عندنا plan B, C, D".
ويلفت إلى أن "الصليب الأحمر في لبنان يتعامل مع عشرات المؤسّسات الدولية والعالمية للتزود بكل ما يتطلب العمل".
ويطمئن كتانة أن "لدينا من الموارد في كافة المجالات, طبية كانت أم لوجستية, ما يكفينا حتى نهاية العام, وبعدها نكون استحصلنا على المزيد. كل شيء يتهاوى من حول اللبناني لكن في نهاية المطاف يعلم أنه إذا اتصل بالصليب الأحمر لأي طارئ أو استفسار سيجد من يسانده إن بسيارة إسعاف أو خدمة طبية أو نصيحة بسيطة".
ويتابع "نحن الآن بصدد التزود بكميات كافية من المازوت أيضاً لأننا نحتاجها لاستمرار مركز الاتصالات ولكثير من الخدمات خاصة في فصل الشتاء".
ويلفت كتانة من جهة أخرى إلى أنه "بعد توقف خدمات الفحوص الطبية في عدد كبير من المستشفيات, وفرنا كل هذه الفحوصات بمراكز الصليب الأحمر اللبناني بشكل مجاني لكل السكان, على كافة الأراضي اللبنانية".
وعن أزمات لبنان اليوم يقول المدير العام, "مر على لبنان الكثير, وشهدتُ على حروب ودمار وويلات لكن لم أر لا من قريب ولا من بعيد ضربة موجعة كالتي تلقتها العاصمة بيروت ومعها كل لبنان في انفجار الرابع من آب. مشهد يصعب تصوره, أو نسيانه. ونحن في الصليب الأحمر تمكنا من تجنيد أكثر من 120 سيارة إسعاف لإغاثة المتضرّرين من الانفجار المزلزل, مع العلم أننا في الوقت نفسه كنا نقوم بنقل إصابات فيروس كورونا إلى المستشفيات بسيارات الإسعاف في كافة المناطق اللبنانية, لا أعرف كيف نجح الأمر لكن من المؤكد أن ثمة قدرة إلهية ساندتنا في مهمتنا هذه, إلى جانب مساعدات الناس والجمعيات والمجتمع الدولي بالطبع".
ويضيف, "لن نترك الناس. أعرف أن العالم من حولنا في لبنان ليس بأفضل أحواله وأدرك أن اليأس يتغلغل في قلوب الشباب والحزن في وجدان المسنين لكن تبقى مساندة بعضنا البعض هي الركيزة الأساسية في استمرارنا وبقائنا واعلموا أن الصليب الأحمر إلى جانبكم, على بعد اتصال قصير, مسافة الطريق من كون عندكن, فاطمئنوا".