أشار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى أنه "في الشكل, نحن امام رئيس للجمهورية يمارس حقا دستوريا في توجيه رسالة للمجلس النيابي, يطلب منه مناقشتها واتخاذ ما يراه مناسبا بشأنها". لكن في الحقيقة, نحن امام رئيس للجمهورية يقول للنواب: سميتم رئيسا للحكومة, انا لا اريده, ولن اسمح له بتشكيل حكومة, تفضلوا وخلصوني منه!".
وأضاف الحريري, خلال جلسة لمجلس النواب لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون حول تشكيل الحكومة, "قرأنا جميعا ان هذه الرسالة تهدف إلى تبرئة ذمة فخامته من تهمة عرقلة التشكيل شأنها شأن الرسائل الموجهة إلى عواصم اجنبية لحماية بعض الحاشية والمحيطين والفريق السياسي من عقوبات يلوح بها الاتحاد الاوروبي او الدول, الحقيقة أبعد من ذلك التفصيل وهي ليست بالشكل بل بالأساس".
وتوجه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري, قائلاً, نحن يا دولة الرئيس, امام رئيس للجمهورية يريد منا تعديل الدستور. فإذا لم نفعل, يريد تغيير الدستور بالممارسة من دون تعديل, وبانتظار ان يكون له ما يريد, يعطل الدستور, ويعطل الحياة السياسية في البلاد, والاخطر من ذلك, يعطل اي امل امام اللبنانيين بوقف الانهيار المريع".
وتابع, "نحن امام رئيس للجمهورية اجل الاستشارات النيابية الملزمة على امل ان يمنع النواب من تسمية سعد الحريري رئيسا للحكومة. وعندما لم يعد في يده حيلة, خاطب النواب مباشرة على الهواء, قبل الاستشارات الملزمة بيوم واحد, وناشدهم الا يسموا سعد الحريري".
ولفت إلى أنه "علينا ان نعترف ان فخامة الرئيس يمتلك تجربة كبيرة, لا بل باعا طويلا في التعطيل. من تعطيل تشكيل حكومات متتالية, لأشهر طويلة, اذكر منها على سبيل المثال, 11 شهرا لتشكيل حكومة دولة الرئيس تمام سلام, وكلنا يذكر "كرمال عيون مين", وصولا إلى تعطيل تشكيل حكومتي الاخيرة 7 اشهر"
وأضاف, "بمناسبة الحديث عن حقوق الطوائف والميثاقية, لم اجد فخامة الرئيس ميشال عون منزعجا من تكليف رئيس للحكومة الأخيرة, بأصوات قلة فقط من الزملاء السنة, ثم بتشكيلها بثقتهم وحدهم, علما انه في المقابل لم يجد اي مانع في ان يسمي رئيسها وزراء من المسيحيين".
وقال, "أطال الله بعمر غبطة البطريرك الراعي وقداسة البابا فرنسيس, ليشهدا من هو المتمسك الحقيقي بالمناصفة والشراكة الكاملة وبحقوق المسيحيين وبقائهم في وطنهم وارضهم, في لبنان".
وأردف, "طوال 7 اشهر, نضع الرئيس المكلف امام معادلة مستحيلة: إما أن تشكل الحكومة كما يريدها فريق رئيس الجمهورية السياسي, منتحلا ارادة فخامته وزاعما ان لا مطلب له, وإما لا حكومة".
وأوضح الحريري أنني "لن اشكل الحكومة كما يريدها فريق فخامة الرئيس, ولا كما يريدها اي فريق سياسي بعينه. لن اشكل الحكومة إلا كما يريدها وقف الانهيار ومنع الارتطام الكبير الذي يتهدد اللبنانيين في أكلهم وصحتهم وحياتهم ودولتهم".
وقال, "لقد قلت منذ اليوم الاول, لقبولي لهذه المهمة الوطنية النبيلة والخطيرة في آن معا, وللتحديات الهائلة الماثلة امامنا, بأنني لن اشكل إلا حكومة اختصاصيين غير حزبيين, والتي باتت تشكل شرطا مسبقا لأي دعم خارجي, والمفصلة في خارطة الطريق التي باتت معروفة باسم المبادرة الفرنسية".
وتابع, "النص الدستوري يؤكد بوضوح ان الحكومة تعتبر مستقيلة في حال استقال رئيسها او استقال اكثر من ثلث اعضائها. وبالتالي, فإن اكتساب رئيس الجمهورية الثلث المعطل يعطيه القدرة على إقالة الحكومة في تعديل دستوري مقنّع مجلس النواب".
وقال, "وزير الخارجية ذكرنا قبل ايام قليلة, أيا من الاخطاء الكبيرة, لا بل الخطايا المميتة, يمكن للأزلام ان يرتكبوها!".
ولفت إلى أنه "لا يكتفي فخامة الرئيس بتعطيل الحياة الدستورية ومنع تشكيل الحكومة, بل يزعم في رسالته إليكم ان رئيس الحكومة المكلف عاجز عن تأليفها, ومنقطع عن اجراء الاستشارات النيابية وعن التشاور مع رئيس الجمهورية! الحقيقة التي تعرفونها جميعا, انني قمت بكل ما يجب, واكثر, وتحملت ما لا يحتمل, للوصول إلى حكومة تبدأ بمكافحة الانهيار".
وقال, "نحن امام رسالة يوجهها فخامة الرئيس للمجلس النيابي, وفي ذلك بارقة امل بأن فخامته يعترف بالمجلس النيابي, لندعوه الى الاعتراف بأن المجلس النيابي انتخب رئيسا للجمهورية, وأن المجلس النيابي ايضا, سمى رئيسا للحكومة. علّ هذا الاعتراف يشكل حافزا لفخامة الرئيس بأن يتفادى الاخلال بواجبه الدستوري, عبر الافراج عن دعوة الهيئات الناخبة للانتخابات الفرعية لملء المقاعد الشاغرة في هذا المجلس الكريم, والقابعة في ادراج فخامته منذ اكثر من شهرين".
واعتبر الحريري أننا "امام رئيس جمهورية يستخدم حقه الدستوري بمخاطبة المجلس النيابي, للإعلان عن نيته مواصلة تعطيل الدستور, وتعطيل ارادة المجلس الدستورية, عبر تعطيل تشكيل الحكومة, لإلغاء مفاعيل اختيار المجلس النيابي لشخصي رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة".
وقال, "ما على فخامة الرئيس اذن إلا الافراج عن التشكيلة, لتذهب الحكومة إلى المجلس النيابي, فإذا فشلت في نيل الثقة, يكون قد تحقق له ما يريد, وتخلص من رئيس الحكومة, واعطى المجلس النيابي الفرصة الوحيدة التي يتيحها الدستور لإلغاء مفاعيل تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة. نحن باختصار امام رئيس للجمهورية يصرّ على مخالفة الدستور بأن يحصر بشخصه منح الثقة للحكومة, بينما ينص الدستور على ان مجلسكم الكريم, علاوة على انه دون سواه من يختار الرئيس المكلف, هو الذي يمنح الثقة او يمنعها".
وقال, "انا منذ البداية كنت راضيا بحكمكم, منحا او منعا, ولهذا آثرت الصبر حتى لا اكون شريكا في استباحة سلطاتكم الدستورية مثلما تستباح السلطات الأخرى".
وأوضح أن "اكثر ما يحزنني ان فترة الفراغ الخطيرة التي يسأل عنها فخامة الرئيس في رسالته, ليست فراغا مطلقا, بل تمتلئ بالمعارك الدخانية وتهديم المؤسسات, والفضيحة غير المسبوقة في الدبلوماسية, والتنكيل بالعملة الوطنية, كأنهم ما تعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا, كما في المقولة الشهيرة".
وأشار إلى انني "لن استجيب للعنعنات الطائفية, ولست مستعدا لأكون شريكا في اي اخلال في التوازن الدستوري ولا في الاتزان الوطني, ولن اسهم في تسهيل المشاريع العدمية. إني التزم امام مجلسكم الكريم, وامام الشعب اللبناني وامام الله, بأنني لن اكل, ولن امل, وسأواصل العمل على استقطاب الدعم, لمكافحة الانهيار, وفتح بارقة امل امام بلدنا وأهلنا الطيبين في كل ارجائه, وفي المغتربات".