غلاء المعيشة يسابق البطاقة التمويلية قبل أن ترى النور. وكلما طالت فترة السباق تآكلت قوتها الشرائية التي لا يزيد الحد الأقصى لقيمتها عن ١٣٧ دولارا شهريا لـ٧٥٠ ألف أسرة لبنانية بنحو ٣ ملايين شخص بكلفة إجمالية مليار و٢٣٥ مليون دولار سنويا أو ما يعادل تقريبا ١٤ ترليون ليرة لبنانية بسعر صرف ١٢٠٠٠ ليرة للدولار الواحد, ولمدة سنة واحدة فقط يتوقف بعدها الدعم, حيث ان موجودات مصرف لبنان من العملات الأجنبية تستنزف يوما بعد يوم, وهي تستعمل كما قال وزير المال أخيرا وفق الحاجات الضرورية, مثل أقراض )كهرباء لبنان( وباقي الحاجات الضرورية. وبعدها عند وقف الدعم, وهو الاحتمال الأرجح, تدل المؤشرات على ارتفاع سعر صفيحة البنزين الى ما بين ١٢٠ الى ١٣٠ ألف ليرة وربطة الخبز الى ما بين ٢٠ الى ٣٠ ألف ليرة وحبة )البندول( بمعدل ٧ أضعاف الى أكثر من ١٠٠ الف ليرة... إضافة الى فقدان العديد من السلع الأساسية والضرورية التي لن يتمكن المستوردون من توريدها الى الأسواق بالنظر الى الارتفاع القياسي في أسعارها. ويستدل على ذلك من انخفاض قيمة الاعتمادات المستندية الاستيرادية بمعدل ٩٦% خلال الشهرين الأولين من هذا العام.
ويأتي الإعلان الآن عن اقتراب تطبيق البطاقة التمويلية بمثابة )وعد مبدئي( بـ )جرعة( حياة على أبواب الانتخابات النيابية بغرض كسب ود الناخبين لنظام سياسي في ظل نقمة شعبية عارمة, في وقت تتصاعد الأسعار الذي إذا استمر جنونها, تفقد البطاقة مقوماتها حتى ولو صرفت بالدولار, فكيف إذا صرفت عند الاضطرار, بليرات تضخمية تقضي عليها في المهد حتى قبل أن تولد.
فحسب احصاءات البنك الدولي عن الفترة بين ١٤ شباط ٢٠٢٠ و١٩ نيسان ٢٠٢١, بلغ الارتفاع بـ١٢٢% في سعر لحوم الأبقار الطازجة أو المجمدة و77,5% في سعر الدجاج الطازج أو المجمد و٧٠% في سعر الحليب السائل و١٩% في سعر الأجبان و118,2% في سعر البيض, و3,105% في سعر الموز و97,6% في سعر البندورة و٨٧% في سعر البصل و84,7% في سعر البطاطا و٧٧% في سعر الخس.. وأسعار بعض هذه السلع حسب تقرير البنك الدولي سجلت الارتفاع الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولا سيما أسعار اللحوم والبندورة والموز والخس وسواها.
ويبقى الهمّ الرئيسي: التمويل الذي لا سبيل إليه سوى باحدى الوسائل الثلاثة: الاقتراض في حال أن التمويل بالدولار. وفي حال أن التمويل بالعملة المحلية, بالمزيد من الضرائب أو من طباعة المزيد من الليرات التضخمية.
وأمام الطريق المسدود الى القروض, تبقى الضرائب التي ولو جرى زيادتها يصعب تحصليها في ظل أزمة اقتصادية ونقدية ومالية قياسية. والدليل ان واردات الموازنة التي بلغت ما يوازي 8,4 مليار دولار عام ٢٠١٩ تراجعت الى ٧ مليار دولار عام ٢٠٢٠.
ولا يبقى عندها سوى الحال الثالث الأكثر ضررا وتدميرا: طبع المزيد من العملة المحلية التي تتدفق في التداول من حوالي ١٠ ترليون ليرة الى أكثر من ٣٠ ترليون ليرة في عام واحد ما رفع أسعار السلع ومعها سعر الدولار... والحبل على الجرار!
المصدر: اللواء - ذو الفقار قبيسي