في نظر الكثرة من المراقبين, لا سيما الدبلوماسيين منهم, فإن الأسبوع الحالي, سيكون مفصلياً على غير صعيد: دبلوماسي وسياسي ومالي ونقدي واقتصادي, على وقع تحولات في السياسات الإقليمية, وضعت سوريا على لائحة التطبيع العربي, واحتواء الأزمة التي طالت وكادت ان تحرق الأخضر واليابس, في سوريا نفسها, وفي عموم دول المشرق, ومن بينها لبنان.
فاليوم تستأنف المفاوضات غير المباشرة, لترسيم الحدود البحرية الجنوبية في الناقورة.. واليوم توضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون البطاقة التمويلية, التي يشترط رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اقرارها تشريعياً في المجلس النيابي, قبل التوقيع على قرار رفع الدعم عن السلع الضرورية, والتي يُصرّ عليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للحفاظ على نسبة معقولة من احتياطي المصرف, التي هي في نظر كثيرين, أموال المودعين, الذين تقدمت أمس جمعية فرنسية بالتعاون معها بشكوى ضد الحاكم رياض سلامة امام القضاء الفرنسي, بتهمة الإثراء غير المشروع, إلى جانب شقيقه وشخصية مالية أخرى.
وغداً, وبعده, يمضي رئيس الدبلوماسية الفرنسي جان ايف لورديان في بيروت, حاملاً رسالة واضحة للمسؤولين الكبار تتعلق بمآل الأمور, ما لم يرعو المسؤولون عن استمرار عمليات التأزم, والتداعيات الخطيرة لعدم تأليف الحكومة وفقاً للمبادرة الفرنسية.
إذاً, بعد توقف فرضته عطلة الجمعة الحزينة والفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي, يشهد موضوع تشكيل الحكومة تحريكاً للمبادرة الفرنسية مع وصول الوزير لودريان الى بيروت في زيارة تستمر يومي الخامس والسادس من أيار الحالي, ويلتقي خلالها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري وقد يلتقي القوى السياسية التي اجتمعت في قصر الصنوبر لدى زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون بيروت, ولكن لا شيء مؤكد على هذا الصعيد.
وتأتي هذه الزيارة على وقع عقوبات فرنسية لوّح بها لودريان منذ ايام, بأن بلاده تضع لمساتها الاخيرة عليها, ستفرضها باريس على الفاسدين في لبنان وعلى مَن يعطّلون الحل السياسي والحكومي المتمثل بالمبادرة الفرنسية, من دون ان يعلن عن اسماء هؤلاء. لكن المعلومات اشارت الى ان العقوبات قد تشمل حجز ارصدة واملاك بعض المسؤولين عن عرقلة الحلول.
وتعكف دوائر السفارة الفرنسية على ترتيب جدول أعمال الوزير الفرنسي في السفارة الفرنسية, على ان يلتقي مندوب عن كل حزب في قصر الصنوبر, وفقاً لمصادر إعلامية.
والثابت ان الجدول المنجز لغاية مساء أمس هو لقاء الرؤساء عون وبري والرئيس المكلف سعد الحريري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية فإن الوزير الفرنسي يأتي في لحظة إقليمية مؤاتية, بعد المصالحات الجارية في المنطقة, والتقارب التركي المصري, والعربي - العربي, فضلاً عن استمرار المفاوضات الدولية حول الملف النووي الإيراني..
لذا, تعتقد المصادر ان الوزير الفرنسي يحمل رسالة قوية بضرورة التوصّل إلى تفاهم ضمن سيناريوهات محتملة, ومخاوف من انهيارات مقبلة ما لم تحدث معجزة التفاهم على تأليف الحكومة التي أصبحت المفتاح السحري لكثير من الحلول.
وعلى هذا الصعيد, حددت الأطراف المعنية بالتأليف خياراتها:
1- فالرئيس الحريري اجتمع مع رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي, فؤاد السنيورة, وتمام سلام, وجرى الاتفاق على دعم الرئيس المكلف بمواقفه, ودعوه إلى عدم التراجع, لا عن المبادرة الفرنسية ولا عن مندرجاتها.
2- بالمقابل رشح عن أوساط مطلعة على موقع بعبدا, ان الرئيس عون ينتظر التشكيلة الوزارية لإصدار مراسيمها على ان تسقط, ما لم يكن فريقه مع حزب الله راضٍ عنها في المجلس النيابي.
3- النائب جبران باسيل يسير في اتجاه احراج الرئيس المكلف لاخراجه, ودفعه إلى الاعتذار, وفقاً لمطلعين على طبيعة الخيارات التي ينتهجها الرجل.
ووفقاً لموقع )اللواء( الالكتروني نقلاً عن مصادر بيت الوسط أن الرئيس الحريري يعتقد أن )الأمور بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسية الى بيروت لن تكون كما قبلها, وإن الحريري يدرس كل الإحتمالات(, متوقعة أن الموقف الذي قد يتخذه عقب زيارة لودريان )قد يقلب الطاولة على الجميع(.
وتوقفت المصادر عند مساعي جمع الحريري بالنائب جبران باسيل, ونقلت عن الرئيس المكلف )رفضه لهذا الطلب لأن باسيل لم يسم الحريري في الإستشارات النيابية, وأنه من اليوم الأول أعلن رفضه التعاون معه, وأنه لم يكتفِ بذلك بل أعلن مرارا وتكرارا أنه لن يمنح الحكومة الثقة, وأن الحريري سأل عن مبرر لقاء شخص لا يريده, وأنه يؤكد أنه خارج اللقاء مع رئيس الجمهورية الشريك الأساسي في تأليف الحكومة لن يلتقي أيا من القوى السياسية قبل أن تشكل الحكومة(.