"إنّ السماء لا تمطر ذهباً ولا فضّة
إنّما يرزق الله الناسَ بعضهم من بعض", قالها الخليفة عمر بن الخطّاب
قد تبدو بديهية جدّاً, لكنّها في الحقيقة غاية في العبقرية والأهميّة, وهي فكرة ابداعية لمفهوم استجابة دعاء الرزق وتكمن أهمّيتها في أنّها توضّح تماماً ما على الإنسان الراغب في الرزق عمله والسعي المستمرّ والدائم بين الناس. فالله حين يرسل لك رزقك الذي تدعوه لأجله, لن يمطر عليك ذهباً ولا فضّة, بل سيرسله لك عند الناس لتأخذه أنت ربما لزيادة المحبة بين البشر
هذا المفهوم أكّدته كل الديانات السماوية في عدّة مواضع ومع أنبياء الله تحديداً. يوسف جاء رزقه عن طريق الملك, وما ساق إليه هذا الرزق كان لقاؤه في السجن بساقي
الملك ن وسى بعدما دعا "ربّ إني لما أنزلت
من خير فقير" جاء رزقه عن طريق الرجل الصالح في مدين.. وما ساق إليه الرزق هو سقيه للفتاتين. وغيرها الكثير
الرزق له ابواب ومفاتيح عدة منها الاتكال على الله والسعي والدعاء "اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم"
والرزق انواع, قد يأتيك على شكل بشر يساندونك في الصعاب. ويمكنك التأكد من كرم الله بكل موقف يظهر شخص امامك من هذا النوع من البشر
الرزق قد يأتيك على ضعفك ولا يأتيك الا بسعيك. وقد يأتي على اشكال عدة أهمها الذرية الصالحة والاولاد
قالوا لو ركب الانسان الريح هربا من رزقه لركب الرزق البرق ولحق به
الله يعطي لكل طائر رزقه لكن لا يلقيه له في العش, وهو يرزق من يشاء بغير حساب ومن حيث لايحتسب. ويأتي كلام الله في القرآن الكريم
"لو أنَّ ابنَ آدمَ هرب من رزقِه كما يهرُبُ من الموتِ, لأدركه رزقُه كما يُدرِكُه الموتُ"
وفي الكتاب المقدس
١٧ أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ يَسْتَكْبِرُوا, وَلاَ يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى, بَلْ عَلَى اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتُّعِ. ١٨ وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلاَحًا, وَأَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ, وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ, كُرَمَاءَ فِي التَّوْزِيعِ, ١٩ مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبَِلِ, لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. الجامعة ٥: ١٢- ١٤
كلها دلائل على ان الرزق مكتوب, وان الفرق هو بالسعي اليه. وهناك مثل عامي آخر يقول: "رزق الناس ع الناس ورزق الناس على الله"
وعليه فالرزق ليس فقط مالًا واملاكا وبيوت وسيارات واعمالا تجارية ناجحة. الرزق يأتيك في الصحة, خوف الله, السعادة, الاولاد, الأهل, الجمال, العلم والمال. فالمال هو شكل من أشكال الرزق. وأرزاق الناس من المال مُقسّمة بعدل وليس بمساواة, لأن المال رزق خاص من رزق عام. ولهذا السبب يختلف الناس في درجة الغنى والفقر لكنهم يتساوون في تقسيم الرزق.
وهنا يسأل الناس ممن رزقهم الله العِلم ولم يرزقهم الصحة إن كان في ذلك عدل؟ ويسأل من رزقهم الله المال ولم يرزقهم البنين إن كان عدلا أيضًا؟
وهل استوفوا رزقهم بإختلاف تقسيمه لعل الجواب عند اهل الاختصاص؟
في الختام نسألك اللهم أن ترزق بلادنا حكاما صالحين وأصحاب سيرة حسنة لأن شعب لبنان المنهوب والذي اصبح اكثر من نصف عدد سكانه فقراء يكفرون كل يوم بهؤلاء الحكام الذين ماتت ضمائرهم بعدما سرقوا ثروات الوطن والاخضر واليابس...وهم لا يشبعون
نقولا أبو فيصل - رئيس تجمع صناعيي البقاع