خلص الحكي" ولم يعد بالإمكان وصف سلوك "البهدلة" للمسؤولين في لبنان, فلا حسّ وطنياً ولا خوف على لبنان بل على المصالح الشخصية وتحقيق المكتسبات بعيداً عن انين المواطنين الذي يبدو انه لا يخرق أسوار قصور المسؤولين, فجدرانهم العازلة عزلت لبنان عن أي حلول انقاذية.
لكن اللافت يوم أمس, هو عملية نصب الكمين والأفخاخ التي هندسها مستشارو رئيس الجمهورية ميشال عون بحفلة عنوانها "الدبلوماسية" لكن سرعان ما تحولت إلى مهزلة, فانقلب السحر على الساحر وأتت تصريحات سفري فرنسا آن غرييو والسعودية وليد بخاري عكس ما تشتهيه سفينة بعبدا.
البداية مع كمين بعبدا ومحاولة جر السفراء نحو دفة القصر الجمهوري وفريقه, إذ لم يكن حبر "البهدلة" قد جفّ على حرب الأوراق والمستندات التي دارت رحاها أمس في عقر باحة القصر الجمهوري إثر خروج رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من لقاء بعبدا العاصف, عاد رئيس الجمهورية ميشال عون ليجني على نفسه باستجلاب "هزائم" دبلوماسية إلى القصر, الذي تحوّل خلال الساعات الأخيرة إلى "فرع مستحدث لقصر بسترس في بعبدا", كما وصفته مصادر نيابية معارضة لـ"نداء الوطن", في معرض إبدائها الأسف "للانحدار بمقام الرئاسة الأولى إلى مستوى من العزلة بلغ حدّ استجداء السفراء لزيارة رئيس الجمهورية".
واعتبرت أنّ "رهان مستشاري القصر على استثمار صورة استقبال السفير السعودي والسفيرة الفرنسية وتظهيرها بشكل إيحائي يروّج لانفتاح الرياض على عون وتفهّم باريس لشروطه الحكومية, سرعان ما بدا رهاناً على سراب تحت وطأة التزام السفيرة آن غريو الصمت ورفضها التصريح إثر لقاء رئيس الجمهورية, وهي رسالة أبلغ تعبيراً عن الغضب الفرنسي من التعطيل العوني للمبادرة الفرنسية, بموازاة تلقي "صفعة سعودية" تجسدت بما عبّر عنه السفير وليد البخاري تجاه شكل الزيارة ومضمونها".
ففي الشكل, حرص السفير السعودي على التأكيد على كون الزيارة أتت بناءً على دعوة تلقاها من عون و"لا يملك بروتوكولياً رفضها", كما أوضحت المصادر, بينما في المضمون أتى تشديد البخاري على "وجوب احترام اتفاق الطائف وأهمية مضامين قرارات مجلس الأمن 1701 و 1680 و1559 والقرارات العربية والدولية ذات الصلة من أجل الحفاظ على استقرار لبنان", بمثابة رسم المملكة العربية السعودية "لخطوط رؤيتها العريضة للعلاقة مع لبنان", انطلاقاً من مرتكزات السياسة الخارجية التي تؤكد على "احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية", وفي ذلك رسالة مزدوجة موجهة باتجاه التصويب على انسياق العهد العوني وراء تغطية تدخل "حزب الله" في الشؤون الداخلية للدول العربية.
ووصفت مصادر سياسية تحرك عون بدعوة سفيرة فرنسا والسفير السعودي للاجتماع به في بعبدا, بأنها محاولة ممجوجة للرد على خطوة الرئيس المكلف سعد الحريري اللافته اول امس, بكشف مسلسل الرئاسة الاولى بتعطيل تشكيل الحكومة العتيدة عمدا وتجاوز الدستور والانقلاب على المبادرة الفرنسية وتفريغها من مضمونها وايهام الرأي العام بعدم وجود أي مقاطعة ديبلوماسية لرئيس الجمهورية.
وكشفت المصادر عبر "اللواء", عن ان محاولات رئيس الجمهورية لتبرير موقفه من عرقلة تشكيل الحكومة لم تلق تجاوبا, وانما ووجه بتبلغه استياء فرنسيا على كل المستويات, جراء الخطوات والمواقف الاستفزازية الملحوظة من قبل الفريق الرئاسي, وهي المواقف والممارسات التي تتعارض مع مرتكزات المبادرة الفرنسية.
والاهم نقل مشاعر الاستياء العارم من قبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير خارجيته, جراء عرقلة الرئاسة الاولى لمهمات تشكيل الحكومة العتيدة. اما في ما يتعلق باللقاء مع السفير السعودي للايحاء بحسن العلاقة بين بعبدا والمملكة, اوضحت المصادر ان سفير المملكة, حدد بوضوح موقف المملكة من العلاقة مع لبنان, وحرصها على متانتها, مذكرا بالدور السلبي لحزب الله بالتاثير على هذه العلاقة وضرورة منع النشاطات المسيئه التي يمارسها في العديد من الدول العربية انطلاقا من لبنان, ومشددا كذلك على ضرورة تشكيل حكومة جديدة باسرع وقت ممكن والالتزام بتطبيق اتفاق الطائف والحرص على السلم الاهلي والوفاق بين جميع اللبنانيين.
حكومياً, استعرت حرب الصلاحيات بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمكلف سعد الحريري, وكرّس الرجلان هجراً قد يطول, وهي سابقة في طريقة التخاطب بين الرئاسات الى العلن, إذ درجت العادة أن يبقى ما يجري بين رئيسي الجمهورية والمكلف, سراً, بحسب الخبير الدستوري سعيد مالك, معتبراً, في حديث لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني, أن التواصل الحاصل يدلّ على احتقان النفوس وعدم صفاء النوايا بين الرئيسين, ما يشير الى اننا أمام طبخة بحص لن تؤدي بنا الى أي مكان, ولا مفر من هذه الأزمة, الاّ بانتخابات نيابية مبكرة, لإعادة انتاج السلطة.
من جهته, يؤكد رئيس منظمة جوستيسيا المحامي بول مرقص, أنه وفقاً للدستور, يطَّلع رئيس الجمهورية من رئيس الحكومة المكلف على "التشكيلة الوزارية" التي أعدّها بالتشاور مع النواب, بموجب استشارات غير ملزمة في المجلس النيابي يقوم بها رئيس الوزراء المكلف, اما رئيس الجمهورية فعليه ان ينظر في دستورية تشكيل الحكومة ومراعاتها في ميثاق العيش المشترك, اي التوزيع الطائفي والتوازن في البلاد بين مختلف الطوائف, وبين ما اذا كانت الحكومة التي تؤلف جديرة بلبنان, مشدداً على أن من صلاحية رئيس الجمهورية اصدار مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الوزراء المكلف بحسب نص الفقرة 4 من المادة 53 من الدستور. لقراءة المقال اضغط على هذا الرابط: خاص ـ رسالة بعبدا غير دستورية وخيارات الحريري مفتوحة
وفي عز "عجقة" البيانات والردود لم تقتصر في الأول من أمس, على قصر بعبدا وبيت الوسط, بل وصل صداها إلى خارج الحدود. وفي السياق, "مسألة تشكيل الحكومة في لبنان مرتبطة, أكثر من عضوياً, بالملف الإيراني", بهذه الكلمات يختصر المحلل السياسي سامي نادر قراءته للمواقف الدولية, معتبراً أن "المواقف الدولية والتصعيد المفاجئ ضد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري كما موقف حزب الله بالإضافة إلى إعادة طرح تعويم حكومة تصريف الأعمال, يؤكد المؤكد".
أما من الجانب الأميركي, فثلاث خطوات تطبع المرحلة الراهنة, أولها رسالة يحضرها السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام يطلب من خلالها عدم العودة إلى اتفاق 2015 من دون اتفاق مكمل يشمل الصواريخ الباليستية وأنشطة إيران في المنطقة. وثانيها, التقدم بمشروع قانون للمطالبة بفرض عقوبات على كتائب سيد الشهداء التابعة لإيران, وثالثها مشروع قانون يحظر على الأميركيين تقاضي رواتب من الجمهورية الإسلامية الإيرانية, بمعنى آخر فرض عقوبات على الـ"lobbyist" الإيرانيين الذين يؤثرون على قرارات الرئيس الأميركي جو بايدن. "إيران بدها تقبض من الجيبة الأميركية", ولا يهمها الجانب الأوروبي بما يتعدى تسهيل التسوية مع واشنطن. لقراءة المقال اضغط على هذا الرابط: خاص ـ لا حكومة قبل حزيران… اسألوا إيران