كتب رئيس جمعية انماء علي النهري الدكتور علي رفعت مهدي:
بعد الحادثة الأليمة , والمأســـاة الفاجعة الَّتي فجعت بلدة علي النَّهري بفقيدها الشَّاب هادي وليد سنديان , وإصــابة ابنيها محمَّد طلال الفقيه , وعمَّار أسامة المذبوح جرَّاء الحادث الذي تعرَّض له الشبَّان الثلاثة وهم على درَّاجتهم . حيث اصطدمت بشاحنةٍ كان يقودها أحد الشبَّان العراسلة ممَّن كانوا يقصدون عملهم فجر العاشر من آذار 2021 . ذلك اليوم المشؤوم الذي ادَّى فيه الحادث الى وفاة الشاب هادي وليد سنديان فورًا , وإصابة محمد وعمَّار برضوض وكسور بليغة خضعوا نتيجتها لعمليتين جراحيتين في مشفى رياق تكلَّلتا بالنَّجـــاح , تواصل وجهاء بلدة عرسال مع أهلنا آل سنديان والفقيه والمذبوح , من خلال الدكتور علي حمد عبدالله الذي سعى مع الخيِّرين أمثاله الى لقاء عائلات اهالي الشَّباب الثلاثة ( هادي ومحمَّد وعمَّار ) للوقوف على خواطرهم , وإدراكًا لحجمِ معاناتهم في هذا الإبتـــلاء , وحِرصًا على أواصر المودَّة التي تجمعُ أبناء لبنان عامَّةً والبقاع خاصَّةً , انطلاقًا من قول الله تعالى : " إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ".
ونتيجةً لمســـاعي اصلاح ذات البين , تمَّ التوصُّل الى اللقاء ظهر اليوم السبت 20 آذار 2021 بين أهلنا من عرسال وعائلة آل سنديان في دارة السيد وليد سنديان والد الفقيد الشاب هادي , بحضور ورعاية فضيلة المفتي الشيخ بكر الرفاعي ورئيس بلدية عرسال باسل الحجيري , واحد قضاة البلدة , ومخاتير وفعاليَّات عرساليَّة أحتضنتهم علي النهري بحضور رئيس بلديتها الحاج احمد مصطفى المذبوح وسماحة السيد فيصل مهدي والمختار غسان المكحل وشقيق والدة الفقيد هادي سيادة العقيد عماد الــسَّاحلي , والحاج مضر حميَّة , والسيد مالك جمعة ؛ وممثّل جمعية انماء علي النهري السيد ابراهيم سنديان ؛ وفعاليَّات من بلدة علي النهري وعائلة آل سنديان والفقيه والمذبوح .
الجدير ذكرُهُ أنَّ موقِفًا عظيمًا ومشرِّفًا كان قد نقله الدكتور علي حمد عبدالله لأهـــالي عرسال قبيل اللقاء الجامع , قضى بتنازل السيِّد (أبو خالد ) وليد سنديان عن أيِّ حقٍّ ودِيةٍ عن ولدهِ هادي حين علِمَ بالواقع المأساوي الذي يعانيه الشاب العرسالي سائق الشاحنة الزراعيَّة , اليتيم والمعيل لأخواته , داعيًا الى إطلاقِ سراحِهِ فورًا لأنَّ ما جرى من حادثةٍ مأساويَّة كان قضاء الله وقدره , مع علم سعاة الخير بواقع السيد وليد سنديان الاجتماعي , وفي الوقتِ نفسه تنازل اهل الشابين محمد الفقيه وعمار المذبوح عن أيِّ حقٍّ لهم . وهم الذين لم يتقدَّموا بأي دعوى بحقِّ السَّائق , حيث كانوا جميعهم _ وفي طليعتهم السيد وليد سنديان _ مصداقًا لقول الله تعالى :" فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ " ....
لقد شهدت بلدة علي النهري اليوم _عشيَّة عيد الأم _ على عظمة ارحام الأمَّهات فيها اللواتي أنجبن مِثال وليد سنديان والمرحوم طلال الفقيه واسامة المذبوح , في زمن السنوات العِجاف التي نعيشُها خوفًا ورعبًا على كلِّ المستويات الصحية والأمنية والإجتماعية والبيئية والأخلاقية , هذه البلدة التي يؤمن أبناؤها بوصية الامام علي ّ(ع) لولديه الحسن والحسين (ع) : "صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة والصيام" ....
وبمقولة حفيده الامام الصَّادق (ع): "صدقة يحبّها الله إصلاحٌ بين النّاس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا " ...
كل الشكر والتقدير والإكبار والتعظيم للسيد وليد سنديان وأهالي بلدة علي النهري , على هذه الرسالية الكبيرة , والمواقف الإنسانية المسؤولة والجديرة بأن تكون مثالاً يحتذى في واقعنا الاجتماعي المحتاج الى التكافل والتَّضامن والتعاون وبلسمة الجراح مهما كانت قاسية وبليغة . وهل اقسى من فقد وموت فلذة الكبد ؟
دامت علي النَّهري بكلِّ أبنائها قدوةً للإنسانيةِ والجمع والتلاقي والخير في زمن شح الخير وموت القيم .
علي رفعت مهدي .