مع كل ما تراكم من ديون على مر السنوات لا يسعنا إلا أن ننهض بأنفسنا لنعيد بناء وطننا من جديد؛ حيث إن لبنان وصل إلى هذه المرحلة الصعبة وأصبح في لوائح الدول الأكثر فقرا" مما ادخله في دوامة الانهيار الاقتصادي الذي وضع جميع اللبنانيين تحت خط الفقر, وتجلى ذلك في ازمة اقتصادية خانقة منبثقة من نظام فساد مافيوي طائفي يعاني من هريان ما شكل شللا" في المؤسسات عامة نتيجة الأحداث والحكومات والانقسامات والاغتيالات التي أرخت بثقلها على عملية التطور والنمو حيث اخفقت جميع الخطط التنموية واودت الى عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي , إذ أن هذا البلد الصغير انهكته الانقسامات الطائفية وسلسلة المحاصصات والمحسوبيات التي كرستها الحكومات التي تعاقبت على حكمه منذ الحرب الاهلية لليوم,حتى استشرى المرض داخله إلى أن اثقله العياء والتعب من كثرة الديون والفساد ليلفظ أنفاسه الأخيرة.
لذلك وفي ظل هذه الظروف لا يسعنا إلا أن تكون الخطط المتاحة بعيدة كل البعد عن منطق الصفقات والمحاصصات بل بالاعتماد على عقليات إدارية جديدة تطبق إصلاحات فعلية ذات مصداقية على أرض الواقع.
من هنا ننطلق لنقول ان الهبات الخارجية قد تساعد في انتعاش ما شتته الايام الا انها لا تكفي, فلم يعد يجدي نفعا" الاعتماد في الاقتصاد على الاستجدادات الخارجية والخدمات العامة والسياحة لأنها تندثر هباء" مع التقلبات المحلية والإقليمية, بل تكمن الحلول في إصلاحات داخلية بنيوية في كافة الادارات والمرافق العامة والخاصة.
لم تكن الهجرة يوما" هي الحل بل هي هروب من المشكلة ,إذ أن الحلول تنبع من مسؤولية كل مواطن لبناني تجاه وطنه, تنبع من كل فرد من أفراد الأسرة الواحدة من دور الأمهات في صناعة الثقافة والتربية الصحيحة للاجيال القادمة, تنبع من المعلم والمعلمة الذين يبنون الأجيال ويطورون العقول, محو الأمية وتوعية الأجيال وتثقيفهم حول حقوقهم وواجباتهم وتأمين فرص عمل لهم للتخفيف من نسب الجريمة والانحطاط الأخلاقي والتفكك العائلي والمجتمعي.
توكيل الاختصاصيين في إدارة شؤون البلاد وتشجيع الاستثمارات الزراعية والصناعية وإنشاء المؤسسات التي تسهل عمليات التبادل التجاري مع الدول الخارجية, تنبع من الاستغناء عن العاملات الأجنبيات وتوظيف اللبنانيين للمحافظة على ثرواتنا داخل البلاد, تحفيز دور المغترب اللبناني في دعم وإنماء وطنه.
التزامنا بالقانون وعملنا بشفافية ومصداقية هي الحل.
لذلك أقول لكل لبناني قم من تحت الردم لتصنع وطنا" يليق بك وأولادك واحفادك. إذ أن الشعب الراقي والمثقف والحضاري يبني وطنه بسواعد أبناءه وليس بسواعد الغرباء, نحن من يصنع التاريخ والثقافة, انتماءنا للبنان واحد هو الخلاص الوحيد.
لنشبك الايادي معا" ونمضي في رحلة الانماء للمحافظة على ما تبقى لدينا من وطن.
ولنتكاتف جميعا ..ليبقى لبناننا مسؤوليتنا طول الدهر.
بقلم : عبدالرحمن احمد ياسين