زينب إبنةُ الأربعة عشر عامًا, خرجت من منزلها ذات ليلةٍ وعادت, عادت جثة هامدة, عادت رمادًا اخفى معالمُ وجهها الجميل, عادت جثة " مفحمة " أُحرقت على أيدي ثلاثة مجرمين لا يعرفون الرحمة ولا الأنسانية. زينب الملاك الجميل أوجعت قلوبنا, وزرعت فينا الخوف من أناسِ لم تمر الرحمة من أمامهم, خوفًا من بلد " كل مين إيدو إلو ".
زينب لم تكن وحدها الملاك البريء في هذا البلد, فكم من زينبٍ أخرى تعرضت لأبشع أنواع التعذيب على قيد الحياة, وكم من زينبٍ أخرى تركوا هذه الحياة فقط لأنه هناك من قرر أن ينهي حياتهم. ويطول الحديث عن جرائم تحصل يوميًا, جرائم توقفت عندها الكلمات لهول بشاعتها وإجحافها بحق البشرية, ولكن عند كل جريمة يبقى المجرم مستترًا. يبقى المجرم متخفيًا بمساعدة دولة لا نعرف لماذا تخفي أسماء " ظٌلام " وراء أحرفٍ أبجدية تقتصر على حرفين ونقطة.
لماذا يبقى ضميرًا مستترًا ؟ فإذا كان السبب الخجل فكيف لمن هم بلا ضمير أن يعرفوا الخجل. وإذا كان خوفًا على مشاعرهم فهم لا يشعرون, وإذا كان فقط إحترامًا فهم لا يستحقونه.
نعم, في بلدي يبقى اسم المجرم ضميرًا مستترًا حتى يعاود ويفترس ضحايا جدد, بعد خروجه من السجن. في بلدي يُخفون أسماء المجرمين إلا بعض الأسماء التي باتت تُنشر اليوم على مواقع التواصل الإجتماعي. ربما لضروراتٍ قضائية ولكن هذا سيعطيهم الفرصة لمعاودة الجريمة مع ضحايا جدد, التستر عليهم سيجعل إفتراسهم للضحايا أسهل فما من أحد يعلم عن ماضيهم البشع.
اليوم ومع تكاثر الجرائم الشنيعة, ومع تزايد الفلتان الأمني بات لا بد من الإفصاح عن أسم كل آثِم تفاديًا لخطايا أكبر, إلا في ما يخص القضايا الشخصية " بحيث أن المسجون لم يأذي سوى نفسه" فهو يستحق بدايات أجمل فيبقى إخفاء الأسم فرصةً له لغدٍ أفضل
بقلم ريما الغضبان