كانت عينا تلك الطفلةٌ تمتلئ بالدموع مع إبتسامةٍ ترافق ثغرها الرقيق, ظننتها تتحدث عن حياتها, ظننتها تبكي فرحًا, ولم أكن أدري أن من هم بلا رحمةٍ إستهزؤا من رقة قلبها, إستغلوا ضعفها وحاجتها, إستغلوا قلة حيلتها ليتلذذوا بأوجعها. فجعلوها تأكل الفلفل الحار مقابل حصولها على المال, وكانوا 3 يستمتعون بمشاهدتها.
للوهلة الأولى ظننتُ أن ما أشاهده مقطعٌ من مسلسل يحاكي قضايا المجتمع أو ربما مشهدُ من برنامج كوميدي إلا أن ما شاهدته كان واقعًا جعلني أشكك بالإنسانية, جعلني أبحث عن الرحمة التي تاهت مع قساوة القلوب. هذه ليست الحادثة الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة, ف " وداعًا للإنسانية".
هذه الطفلة وغيرها هم ضحايا الفقر والعوز, ضحايا الإهمال والظروف, ضحايا حياةٍ ما أنصفتهم يومًا فباتوا مكسر عصا " وتسلية " لأصحاب القلوب السوداء. وكأن الحياة صفعتهم مرتين, مرةً بفقرهم وأخرى حينما باتوا مضطرين لتحمل إستهزاء وظلم بعض البشر من أجل الحصول على المال, من أجل الحصول على كسرة رغيف, فبات أنين أرواحهم هو الثمن الباهظ الذي يدفعونه في كل مرة.
هم ملائكة يعيشون في كوكبٍ لا يليق بهم, ملائكةُ يعيشون مع أناس لا يليقُ بهم لقب " إنسان ", فهم لا يمتون للإنسان والإنسانية بصلة. فباتت الرحمة بعيدةٌ عن قلوبهم, فباتوا يستمتعون بألم الناس, باتوا يستلذون بتعذيب الناس إن لم يكن جسديًا ف معنويًا, وكم هو مؤلم عذاب الروح أمام الجسد.
إنحنت كل المفردات أمام أوجاعهم, وتاهت كل الأحرف أمام قساوة أولئك الذين سخروا من دموعهم, فما من مفرادت تصفُ قساوة قلوبهم فهم لم يرحموا من في الأرض ليرحمهم من في السماء