لربما هو بمصطلحٍ جديد على الأذهان, فغالبًا ما يتردد على مسامعنا أطفال الشوارع. ولكن في لبنان كل مستحيل ممكن, فمع تردي الأوضاع المعيشية باتت لقمة العيش صعبة المنال, وكأنها حلمٌ للغالبية فكيف تكون للمسن الذي لم يعد يجد كسرة رغيفٍ تشبعه.
هي لمؤلمةٌ تلك اللحظات التي تسير بها في شوارع المدينة, لتجد عجوزُ هنا تفتش في أكوام القمامة بحثًا عن ما تأكله, وآخرٌ هناك يستول من البشر لعلهُ يجمع بعضًا من المال كي لا يطرد من منزله, وآخرٌ يفترش الشارع لعله يغمضُ عينيه قليلًا ليستريح من حياةٍ أنهكته. وكم كثرٌ هم هؤلاء, كم محزنةٌ هي أحوالهم ولكن حتى مساعدتهم باتت صعبة على الكثر فكلٌ منا أنهكه هذا البلد الذي لم يترك لنا لا حول ولا قوة بفضل حكامه الذين لم يفعلوا شيئًا سوى أنهم قلبوه رأسًا على عقب.
هم خرجوا إلى الشوراع لأنهم فقدوا الأمل, خرجوا لأن الجوع تسلل إلى بطونهم, خرجوا والدمعُ يحرق أعينهم خجلًا. فكثرٌ هم من بقوا بلا ملجأ, فالمساعدات تقلصت في ظل الأوضاع المعيشية التي يمر بها البلد, وآخرون لم يعد بإستطاعة أولادهم إيقاتهم لربما, ومنهم من كان في دور المسنين ولربما قفد ملجأه بعدما باتت الجمعيات المدنية تشهق أنفاساها الأخيرة.
هي مأساة باتت تنتشر في غالبية أصقاع البلد, مأساةٌ لا بد من أيجاد حلٍ سريع لها. فكم من المعيب أن نرى العجزة كل يوم على الارصفة, وفي الشوارع؟ كم قاسيةٌ تلك الظروف التي أحالت بهم إلى ما هم عليه اليوم؟ ولكن على من نرمي المسؤولية اليوم في دولة اللامسؤولية؟