هو دائمًا ذلك الشعب المغاوار, ذلك الشعب الذي لم تكسره محنةٌ على مر العصور. بات اليوم مسيرٌ لا مخير بين موتٍ بطيء إما من كورونا وإما من الجوع. فبعد مرور أكثر من شهر على حجرٍ صحي فرضته الدولة للحد من إنتشار كورونا, عادت إنتفاضة 17 تشرين اليوم فكانت شُعلتها الجوع, بتحريضٍ من السلطة التي تتحمل المسؤولية اليوم.
عادت الثورة اليوم ليس لقلة وعي الشعب, أو لعدم إكتراثه بالوباء. بل عادت أمام تخاذل الدولة التي لم تتحمل المسؤولية يومًا على مر التاريخ إلا من رحم ربي من بعض مسؤولي السلطة القدامى. نعم نحنُ اليوم أمام كارثةٍ عالمية تعمل الحكومة على السيطرة عليها. ولكن في المقابل, تخاذلت في حل الأزمات الكبرى فنحن اليوم أمام غلاء معيشي غير مقبول, مع أزمة الدولار التي لم يعد بإستطاعة المواطن تحملها. لننتقل إلى أزمة البطالة, فأصبح المواطن " إيد من ورا وإيد من قدام" لا يملك لا الليرة ولا الدولار. إلى البنوك التي احتجزت أموال المواطنين الفقراء, فهي دائمًا " ما بتروح إلا على الفقير" في حين أن كبار أصحاب رؤوس الأموال يحصلون على أموالهم من تحت الطاولة.
عادت الثورة اليوم لأنه هناك أبٌ يبكي أمام جوعِ أطفاله, عادت اليوم لأنه هناك فتاة تبكي أمام آلالام والديها, عادت لأن الموت البطيء بات مصيرُ نسبةٌ كبيرة من الشعب اللبناني. عادت لأنه بات من المعيب جدًا, أن يجوع إنسان في القرن الواحد والعشرين, عادت لأن كرامة وحقوق الشعب فوق كل إعتبار. ربما لن تكون بزخمٍ كبير الآن حفظًا على سلامة الشعب, ولكنها حتمًا ستصنع تاريخ لبنان الجديد.
فإلى اللقاء القريب ما بعد كورونا...
بين كورونا والجوع إنتفاضة 17 تشرين تعود - بقلم ريما الغضبان