ريما الغضبان
لقد كانت في السادسة من عمرها, لم تكن تدري ما الذي يحصل, وكانت تكبر وتكبرُ معها الجريمة بصمة الخوف من الأهل, بصمة الخوف من المجتمع, بصمة اللاذنب. جوليا واحدة من الأطفال اللذين تعرضوا ويتعرضون للإغتصاب يوميًا, هي قصةٌ من نسج الخيال ولكن كم من جوليا تظلم يوميًا؟ كم من جرائم ترتكب بحق الطفولة دون الإكتراث لروح ألم أولئك الأطفال سواءً كانوا ذكور أم إناث. كم حيوات قضي عليها بسبب إنعدام الرحمة والمسؤولية, بسبب عقليات مختلة ومتخلفة.
هي واحدةٌ من آلالاف الأطفال الذين يتعرضون للإغتصاب يوميًا سواء كانوا ذكور أم إناث. إلا ان تلك القصص بقيت وتبقى وراء الستارة. لتُخلف بعدها أطفال يعيشون مع أمراضٍ نفسية وعُقد نجمت عما تعرضوا ويتعرضون له بعلم الأهل أو بدونه. فكم سمعنا عن أباء إغتصبوا بناتهم, بحجة الأقرب أولى بالمعروف.. كم من طفل أغتصب دون علم عائلته من أقرباء وجيران ومعلمين وغيرهم.
إغتصاب الأطفال ظاهرةٌ تفشت في مجتمعاتنا العربية دون رقيب ولا حسيب, بتسهيل من عادات وتقاليد لا ترحم, وبصمت الخوف من المجتمع. جريمة مستترة خوفًا من " الفضيحة " والعار, جريمةٌ يُجلد بها الضحية ألف مرة, ليعيش الجلاد بحريةٍ مطلقة. إلا من رحم ربي من عقولٍ تواجه المجرم لينال العقاب بدلًا من التستر على الجريمة بحجة " الفضيحة ".
هو ألمٌ لا تمحوه الأيام ولا الأزمان, ألمٌ يلازمهم إلى ما نهاية, فلا يستطيعوا تخطي ما مروا به للمضي بالحياة قدمًا ولا محو تلك الذكريات الوحشية من مخيلتهم.
كثرٌ هم ضحايا الإعتداء الجنسي اليوم, ضحايا شهوات مقززة, ضحايا مرضى نفسيون مكانهم المصحات العقلية والسجون. هم ضحايا للتحرش بكافة أنواعه لفظيًا كان أم جسديًا لا بد من القضاء عليه لعلَه يختفي من مجتمعاتنا غربية كانت أم شرقية.
هو وباءٌ إستشرى بأجساد هؤلاء الأولاد دون أن يدروا ما الذي يحدث. لم يعد للكلمات نفعٌ أمام ما حصل في الماضي, فليكن الحاضر والمستقبل لبترِ هذا الوباء. لنخرج عن صمتنا أمام عاداتٍ وتقاليد تلحق الضرر بأطفالنا, وتبقي المجرم خارج قضبان السجون. فالكلام سيكون ترياق هذا الوباء .