ريما الغضبان
في ذلك العالم اللامتناهي, في ذلك العالم الذي لا يعرف الصمت, في ذلك العالم الذي تتناثر أحرفه وكلماته بين الحقيقة والوهم, تحترقُ آلالاف القلوب, وتضيء الآلاف بالمقابل. في ذلك الفضاء القريب البعيد, في ذلك الفضاء الذي صنع عالمه الخاص, خلقت القصص والروايات. هي لربما علاقاتٌ إفتراضية ولدت ومازالت خلف الشاشات, فتبدأ بإعجاب, من ثم كلمة, فأحاديثُ طويلة إلى تعلق بالوهم في نهاية المطاف في بعض الأحيان. فما الذي يؤكد صحة الكلام, أو صحة الشخصية إذا كان المتكلم صادق أم أنه يكذب. لتبدأ بعدها حرب المشاعر, فتصبح العلاقة إدمان, إدمانُ على شاشة الهاتف بإنتظار جرعةٍ من الرسائل تهدء من روع المنتظر. هي دوامة اللانهاية, فتأخذ بالعاشق إلى الجنون, إلى هستيريا الحب, إلى الهوى البعيد عن العين, وكما يقول الشاعر الأعمى " الأذن تعشق قبل العين أحيانًا ". وهنا الكلماتُ تُعشق قبل الصوت والصورة, فيرسم كلٌ من الطرفين صورة وشخصية الآخر بناءً على الكلام والتخيلات, ليصتدم ربما بشخصيةٍ مغايرة تمامًا في حال اللقاء. ولكن من منظورٍ آخر لابد أن نعطي هذا العالم حقه, فكم من علاقةٍ نشأت عبر هذه المواقع وتكللت بالنجاح. كم من قصة حب تحدت المسافات والأعراق, ورست على سفن السعادة. تشكل الشاشة اليوم منفذًا للهروب من الواقع, منفذًا لعلاقاتٍ وهمية تعفي إحدى الطرفين من المسؤولية, فيكون الحب الوهمي مفرهم الوحيد من سجن الحب الحقيقي. لتكون تمضية الوقت, والإستهزاء بمشاعر الآخرين فاتورة لا يدفع ثمنها إلا أصحاب المشاعر الصادقة.
ريما الغضبان