الدكتورة فوزية عرفات
بابتسامة دافئة تشع من تحت خوذة صفراء التقيناه, العم عفيف عامل النظافة على طريق زحلة-ترشيش من مواليد العام ١٩٤٠, لم تشفع به أعوامه الثمانون فها هو يستيقظ في السادسة وينطلق بمكنسته الى الطرقات, يكنس اوساخنا حتى الرابعة عصراً, بظهرٍ محني وابتسامة رائعة ليعطينا لا درساً في النظافة وحسب بل درساً في الرحمة ايضاً, انه الوطن الذي يصر على إذلالنا حتى الرمق الأخير ولولا ملائكة الرحمة (برنامج الأمم المتحدة الانمائي) الذين منحوه هذا العمل مقابل ٣٠ الف ليرة في اليوم لمات جوعاً او مات ذُلاً على باب مستشفى حكومي اقصد مسلخ حكومي, العم عفيف اكثر من يصلح وزيراً للبيئة, العم عفيف لم يسرق ولم يشحذ, العم عفيف ما زال يبتسم منتصراً بمكنسته على قوانين الرعاية الاجتماعية المضحكة وحقوق المسنين المنقرضة, انه اخر الرجال المحترمين انه المواطن الذي لو اعطي صلاحيات لحل أزمة النفايات المستعصية لأرجع بمكنسته الشريفة هيبة الوطن التي أسقطتها الحاويات. عذراً عمو عفيف, عذراً فالشقق الفاخرة في وطني تعطى لملكات الجمال والأموال لأولاد الزعماء والسيارات لزوجات السياسيين والبرامج الاجتماعية للعاهرات, عذراً عمو عفيف فالدولة الآن مشغولة بالدولار ورجال الدين مشغولون ببناء المساجد والإعلام مشغول بأمراض انجي خوري النفسية والمواطن مشغول بالنرجيلة, وحدك من تصنع أمجادك بمكنسة اما الآخرون فيصنعون بكراسيهم ثروات!