ترى مصادر سياسية متابعة أن "الأجواء القائمة بين حزب الله وإسرائيل , كالجمر الراكد تحت الرماد". وتقول لموقع "القوات اللبنانية" الالكتروني إنه "تكفي نسمة هواء (ساخنة) لإطلاق شرارة تشعل حرائق لا أحد يستطيع تقدير اتساعها, في أي لحظةٍ يرى فيها أي من الطرفين مصلحة مباشرة تصب في خدمة أهدافه".
وتتخوّف هذه المصادر مما حصل صبيحة أمس الاثنين مع اعلان حزب الله اسقاطه طائرة مسيّرة إسرائيلية حاولت عبور الحدود من جهة بلدة رامية الجنوبية, مؤكداً أنها أصبحت في حوزته, قبل أن يعود وينشر صوراً قال انها لمكان اسقاط الطائرة المسيرة وأنها أسقطت بعد 5 دقائق من عبور الحدود, من دون تفجيرها. كما أنها كانت مسلّحة ومجهزة بأجهزة تنصت وتجسس وكانت في مهمة عسكرية. في حين اعترف الجيش الإسرائيلي بسقوط إحدى طائراته المسيرة في جنوب لبنان خلال عمليات اعتيادية, قال إنها محلّقة بسيطة جداً سقطت خلال نشاطٍ روتيني ولا خشية من تسرّب معلومات.
يشير المحلل السياسي مصطفى فحص في حديث إلى موقع "القوات", إلى أن "المسألة الأولى التي تطرح هي كيفية إسقاط الطائرة الاسرائيلية المسيرة من قبل حزب الله. هل عن طريق صاروخ؟ لأن هذا يعني أن الحزب يملك منظومة دفاع جوي. أم تم إسقاطها عن طريق المضادات الأرضية؟ فهذا يعني أن الطائرة كانت على علو يسمح للأسلحة التقليدية التي يمتلكها الحزب بإسقاطها. أو بوسائل أخرى غير واضحة حتى الساعة؟".
ويلفت إلى أن "إسقاط المسيّرة بالمضادات الأرضية يقع في الإطار النوعي وليس الاستراتيجي. أي أن حزب الله نفذ وعوده وأسقط المسيّرة الاسرائيلية فوق الأجواء اللبنانية بسلاح عادي مضاد للطائرات. أما في حال أُسقطت المسيّرة الاسرائيلية بصاروخ موجّه, أو بوسائل أخرى لا تزال سرية ومجهولة, فهذا يعني أننا أمام نقلة استراتيجية في المواجهة ما بين الطرفين".
من ناحيتها, ترى المصادر السياسية المتابعة أن "الاعلانين المقتضبين لكلَي الطرفين, يعكسان الحذر الشديد في التعاطي مع الوضع وردود الأفعال المحتملة. فرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يحسب خطواته جيدا على مسافة أيام قليلة تفصله عن موعد الانتخابات في 17 أيلول الحالي. والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله, يكتفي بـ(الردود المدروسة) لمحاولة تثبيت قراره السابق المنفرد حول تغيير قواعد اللعبة ومن ضمنها إسقاط المسيرات الاسرائيلية فوق لبنان, خشية انزلاق رده إلى حدود لا يتحملّها".
أما فحص, فيعتبر أنه "من الطبيعي أن تحاول إسرائيل التخفيف من أهمية الأمر والقول ألا معلومات تحملها الطائرة. لكن فعلياً تم إسقاط المسيّرة الاسرائيلية وحزب الله نفذ قراره".
ويقول إنه "إذا ما وضعنا إسقاط المسيّرة في إطار الانتخابات الاسرائيلية فهذا يعني أن نتنياهو سيرد. والخطورة هنا أن ندخل في ما يشبه مرحلة السبعينيات, أجواء وحدود مفتوحة. ونصرالله ذاته قال إنه أسقط الخطوط أو غيَّر قواعد الاشتباك وألغى الحدود وأننا أصبحنا في توازن الرعب, أي ضربة مقابل ضربة, ما يعني أننا دخلنا في مرحلة جديدة من النزاع".
ويضيف أنه "بغض النظر عن الانتخابات الاسرائيلية أو ما بعدها, سبق وأعلن الاسرائيلي أن لديه أهدافاً مفتوحة في لبنان وحدد آخرها في النبي شيت, فهل هذا يعني أن الأجواء اللبنانية باتت مفتوحة على الرد الاسرائيلي؟ ومن أي طبيعة؟ وكيف سيتصاعد, من رد بسيط إلى متوسط إلى أهداف ثقيلة وكبيرة؟", معتبراً أن "الإجابة على هذه الأسئلة لن تطول كثيراً وقد تكون رهن الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة".
وفي السياق, تعبِّر المصادر السياسية لموقع "القوات", عن أسفها لـ"تخلي المسؤولين المعنيين عن القيام بواجباتهم, ما خلا بعض التصريحات والمواقف, لرفع العتب أو لتبرير العجز والتسليم لحزب الله بتنفيذ أجندته الخاصة بمعزل عن مؤسسات الدولة المسؤولة".
وتشدد على أن "الدولة وحدها مسؤولة عن التصدي لاعتداءات إسرائيل على السيادة اللبنانية, ولأي اعتداء من أي جهة أتى, بالوسائل التي تراها مناسبة من ضمن المؤسسات الدستورية وبقواها الشرعية, وفي مقدمتها الجيش اللبناني, وبغطاء لبناني جامع, والالتزام باحترام القرار 1701 الذي يشكل ضمانة للبنان في وجه إسرائيل ويشدد على خلو المنطقة جنوب الليطاني من السلاح والمسلحين ما عدا الجيش اللبناني والقوى الأمنية وقوات اليونيفيل, مع تسليط الضوء على الانتهاكات الاسرائيلية له".
وتحذر المصادر السياسية من أي "دعسة ناقصة في هذا السياق, والتساهل إزاء محاولات جرّ لبنان إلى أتون الصراع المشتعل المتصاعد في المنطقة, خصوصاً بين واشنطن وطهران, والمتجه إلى مزيد من التصعيد وتشديد العقوبات الأميركية على إيران وحزب الله وحلفاء هذا المحور على خلفية تخصيب اليورانيوم ودعم الإرهاب", كما تعلن واشنطن.
وتؤكد "ضرورة أن يعي الجميع هذه المخاطر والتصرف على هذا الأساس, لا الاستحياء والتراخي أو محاولة (إخفاء غابة المخاطر خلف شجرة المواقف الفاترة), بل مواجهة حزب الله بالحقائق وإعادة التأكيد على الالتزام بسياسة النأي بالنفس واحترام القرارات الدولية وأولها القرار 1701, بالقول والفعل والممارسة, خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية التي شارفت الانهيار التام والتي يزعم المسؤولون وضع الخطط واتخاذ القرارات للخروج منها".
وتسأل المصادر السياسية المتابعة, "عن أي خطط وقرارات إنقاذية ووعود باستثمارات مقبلة نتحدث, فيما نبقي البلاد بإرادتنا فوق برميل بارود ونسلّم إشعال فتيله لطرف بعينه, بدل بذل كل الجهود وتركيزها لتمكين الدولة ومؤسساتها وتوحيد الجهود لإعطاء الثقة للمجتمع الدولي بالجدية المطلوبة وتأليب كل أصدقاء لبنان لردع إسرائيل وغيرها؟".
وتذكّر, في هذا الإطار, بـ"مواقف الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش, غداة عملية الطائرتين المسيّرتين فوق الضاحية, وجولته على كبار المسؤولين في الدولة منبها ومحذراً بصراحة من تراخي الدولة اللبنانية تجاه إمساكها بسيادتها".