يملك سمير جعجع متّسعاً من الوقت, من اليوم وحتى الأول من أيلول موعد قداس "شهداء المقاومة اللبنانيّة", لكي يصيغ كلمةً في هذه المناسبة تليق بالمرحلة.
لن يكون جديداً أن يعدّد جعجع ملاحظاته على العهد ومساره, ولن نكتشف ما لا نعرفه إن لمّح, مراراً وتكراراً, الى الوزير جبران باسيل في كلامه عن السياسة غير الإصلاحيّة المتّبعة.
وسيتوقّع الجمهور المحتشد في معراب, بالتأكيد, أن يذكّر رئيس "القوات اللبنانيّة" بـ "أنّنا وقت الخطر "قوات".
هذه كلّها, وغيرها, نعرفها جيّداً وحفظها جمهور "القوات" الذي سخر ما يكفي على وقع عبارة "قوم بوس تيريز", ولكن حان وقت أمرٍ آخر.
حين استقال رئيس الحكومة سعد الحريري, في ظروفٍ غامضة في السعوديّة, لم يكن سمير جعجع بين المتآمرين. لكنّ رئيس "القوات" احتاج لأشهرٍ من المساعي والاتصالات ولقاءات الموفدين قبل أن يستقبله الحريري في "بيت الوسط" ذات مساء.
في الانتخابات النيابيّة, ضحّى جعجع في أكثر من دائرة ودفع أثماناً.
وعند تشكيل الحكومة الحاليّة, اضطرّ جعجع لتخفيض سقف مطالبه كثيراً بعد أن نظر خلفه فوجد الحريري مستعدّاً لتلبية ما يطلبه باسيل منه, ووجد وليد جنبلاط يسير في تسوية تناقض ما كرّره طيلة أشهر عن حصريّة التمثيل الدرزي.
وبعد حادثة قبرشمون, كاد جعجع يقف أمام جنبلاط, لا خلفه. أعاد الى الذاكرة حادثة سيّدة النجاة, وراح يحلم باستنهاض ١٤ آذار, وعودة مثلّث الحريري - جنبلاط - جعجع. جلس جنبلاط مع طلال ارسلان فتبدّدت الأحلام, قبل أن يسافر البيك الى مكانٍ ما ويتصوّر, باسماً, بـ "الشورت".
في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء, بعد الحادثة, كان وائل أبو فاعور مستعدّاً لطعن وزير العمل وتدابيره بحقّ الفلسطينيّين, مستغيباً إيّاه.
أما في تعيينات المجلس الدستوري, فكانت جلسة الحريري مع باسيل ليل أول من أمس كافية لشطب ما اتُّفق عليه بين رئيس الحكومة و"القوات", والذي سعى ملحم الرياشي لصيانته حين زار السراي الحكومي, موفداً من جعجع, قبل باسيل بساعاتٍ قليلة.
يسمع جعجع في بعبدا "قوم بوس تيريز", ويسمع في "بيت الوسط" وعوداً لا تنفّذ, ويسمع من المختارة كلاماً كبيراً ينتهي دائماً بتسوية.
لعلّه قرأ, ليل أمس, ما نشر على موقع "المستقبل" على لسان وزير: من تنصّل من التزامه التصويت للموازنة لا ينبغي أن يسأل عن "التزامات الدستوري".
الوقت كافٍ حتى الأول من أيلول. يريد جمهور القداس, بالتأكيد, كلاماً لا يوحي بأنّ صاحبه "بلع الموس". أليس هو صاحب شعار "صار بدّا"؟