الأزمة مستمرة بين الرئاستين الأولى والثالثة على خلفية التأزم الحاصل في عملية تشكيل الحكومة, في ظل انتفاء اي مؤشر يوحي بإمكان الخروج بحل قريب يسمح بولادة الحكومة العتيدة.
والأمور ذاهبة باتجاه المزيد من التصعيد, على ضوء المعلومات المتق طعة حول احتمال توجيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسالة الى مجلس النواب يعرض فيها الملف الحكومي.
المستجد الوحيد في المشهد, هو زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري بالأمس الى قصر بعبدا, حيث التقيا الرئيس عون بناء على دعوته, لبحث “أفكار جديدة”.
لكن الصمت “المعبّر” لبري حين سئل عن أي جديد, رافعا يديه نحو السماء, يحمل أكثر من جواب على عمق الأزمة. كما أن تصريح الحريري المكرر وقوله “موقفي معروف وواضح ولن أغيّره” لا يقل وضوحا. علما أن الحريري لم يخرج عن سياق محاولته المعتادة إشاعة أجواء إيجابية.
وعلى الرغم من أن رسالة عون, المحتملة بجدية, لا يمكن أن تنتج حلولا دستورية “زاجرة وملزمة”, مع معرفته بأن الآليات الدستورية لا تسمح بسحب التكليف من الحريري, غير أنها من دون شك تعني في ما تعنيه, أن الأزمة بين عون والحريري تتجه الى منعطفات جديدة, لم تعرفها منذ التسوية الرئاسية التي حملت الأول الى القصر الجمهوري والثاني الى السراي الحكومي. ويبدو أن مضاعفات “حرب البيانات” المتبادلة بين قصر بعبدا و”بيت الوسط” ستظلل المشهد السياسي في المدى المنظور.
رسالة عون المتوقعة حتى الساعة إلى مجلس النواب تفترض التنسيق بشكل أو بآخر مع بري, الذي تنقل مصادره أنه لا يزال على موقفه القديم بعدم دعوة المجلس للانعقاد بغياب مكوّن طائفي ومذهبي وسياسي أساسي. فيما ينقل عن الحريري أنه وتيار المستقبل لن يشاركوا في جلسة نيابية تتعرض بشكل أو بآخر لصلاحيات رئيس الحكومة, ويعتبرون كأنها لم تكن إن عقدت.
إذا, الأزمة متفاقمة والحلول مستبعدة والتصعيد متوقع, مع تبني عون لحكومة الـ32 وزيرا من جهة, ورفض الحريري لهذه الصيغة وتشبثه بصلاحياته الدستورية وبعدم السماح باعتماد أعراف جديدة تخلّ بالتوازنات الطائفية, من جهة ثانية. وأوساط “بيت الوسط” تؤكد أن الحريري ثابت على موقفه في ما يتعلق بصلاحياته, وانه لا يحق لأي سلطة, بما في ذلك مجلس النواب, نزع التكليف منه, الا إذا قرّر شخصيا الاعتذار.
في ظل ذلك, تبدو الأمور مفتوحة على احتمالات عدة, منها عودة الحديث عن الصلاحيات الدستورية للرؤساء, ما يدخلنا الى التفسيرات المتضاربة لمواد الدستور. والخوف من انفلات الأمور باتجاه “كسر الجرة” بينهم, ما يعني أن البلد سيظل مقيما في الأزمة الحكومية الى أمد طويل, فيما الاقتصاد يترنح وينذر بالأسوأ. مع كل ما يحمله ذلك من امكان “تفجّر” أزمات جديدة غير محسوبة في لحظة إقليمية “ساخنة”.
ماريو عون: على بري الدعوة الى جلسة إذا طلب الرئيس
“رئيس الجمهورية يملك بموجب الدستور صلاحية التوجه برسالة الى مجلس النواب, والتي قد يلجأ إليها في أي وقت”, كما يؤكد عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ماريو عون.